أعمدة الرأي

فِرنسا عالَم المتناقضات …

الأستاذ إدريس زياد

عداء فِرنسا للإسلام عداء تاريخي متجذر، فمن قرأ كتب الكهنوت المسيحي ومجادلاته الأولى حول الإسلام ورسوله وفتوحاته مثل كتابات يوحنا الذهبي وصفرونيوس، فلن يستغرب تصريحات فِرنسا المعادية للإسلام والمسلمين لأن ثقافتها في الأساس ثقافة تحريض ديني تاريخي لا علاقة لها بمفهوم الإنسانية وحقوق الإنسان الذي تدعي الدفاع عنه، فلا عجب ولا اندهاش مما يُصرَّح به، فهو موروث، فأول دعوة للهجوم على الإسلام أطلقها البابا الفرنسي أوربان الثاني، وأول مكان انطلقت منه الحملات الصليبية لاجتياح العالم الإسلامي كانت فِرنسا، وأول من بدأ حركة الاستشراق وتبنى فكرة علمنة العالم الإسلامي وفصله عن الإسلام كان المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي الذي أعد جيشاً من المستشرقين لغزو بلاد الإسلام، من فِرنسا خرج أسوأ استعمار في التاريخ وأشده دموية، من فِرنسا خرجت معاداة السامية، من فِرنسا خرجت معاداة الإسلام، من فِرنسا خرجت سايكس بيكو التي قسمت البلدان، وأول احتلال أوروبي صليبي تعرضت له مصر في العهد الإسلامي كان على يد فِرنسا، وأبشع وأعنف احتلال تعرض له العالم الإسلامي في العصر الحديث قُتل على إثره ملايين المسلمين هو الاحتلال الفرنسي، وأول من خطط لإقامة وطن لليهود على أرض فلسطين كانت فِرنسا بعد حملة نابليون على الشام عام تسعة وتسعين وسبعمائة وألف ميلادية ، كما أن فِرنسا تُعَدُّ أول من حول الصراع مع العالم الإسلامي لصراع عقيدة وخطط لضرب الإسلام عسكرياً وثقافياً، وعداؤها للإسلام ليس حديثاً بل هو عداء تاريخي متجذر منذ أكثر من ألف وثلاثمائة سنة، سجلت أبشع الجرائم عبر التاريخ، جرائم ضد الإنسانية تدمي الذاكرة، وحاضر استعبادي بائس، في خرق سافر لكل المواثيق الدولية…

فِرنسا الكافرة عدوة الإسلام والمسلمين، فِرنسا بالفاء المكسورة، أكسروها كسرها الله كما قال الشيخ العلامة ابن باديس، فِرنسا التي تتبجح بحقوق الإنسان والحق في الحياة تظهر سوأتها، فعند الشدائد والمصائب والكوارث يظهر المعدن النفيس، فِرنسا الظالمة الغادرة المنافقة الداعمة للانفصال والمس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية، لقد حان الوقت كخطوة أولى لمقاطعتها سياسياً واقتصادياً، وتأديبها باعتماد اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في تعليم الناشئة بدلاً من اللغة الفرنسية الضعيفة عالمياً، فِرنسا أمُّ الحريات حتى لو سرقت افريقيا وما زالت، فِرنسا هي الحمل الوديع، حتى لو تركت أدلة جرائمها في متحف للجماجم تفتخر به، فِرنسا لها الحق في قطع عشرات الألوف من الرؤوس ولا يعيبها شيء، بل إنها حولته لتحفة فنية تُشَد إليها الرحال، كعادة الفرنسيين المشهورين بالعطور لتغطية القذارة من غير استحمام، وكذلك الجرائم، في تحويلها إلى تحفة فنية من غير محاسبة، ولا أحد يمكنه أن ينعتها بالإرهاب وهي راعيته، أين هي إذاً الحريات أين هي الحقوق في دولة تدعي الديمقراطية تحت يافطة حقوق الإنسان؟

أما أن نتحدث عن اللباس وفق مقاصد وأهداف وغايات، فذلك هو مأزق فرنسا الحقيقي، إنها لا تترك معنى ولا مبنى لتشويه الإسلام لبلوغ غاياتها إلا واستحضرته، فِرنسا جعلت من لباس المرأة معيارَ مفاصلةٍ للتبجح عبر المناص والمنابر الدولية بحقوق الإنسان، و كَالَتْ تُهَماً للمسلمين بأنهم هم من جعلوا من لباس المرأة معياراً في التصنيف، رئيسة الإتحاد الوطني لطلبة فرنسا آنذاك المسلمة من الأصول المغربية مريم بوجيتو التي أثارت جدلاً حول لباسها، ليس الجدل كان قائماً على لباسها بل على إسلامها، فهناك تشابه في اللباس بين لباس المحجبة ولباس الراهبة، فكيف يستقيم أن نقبل هذا دون الآخر، فرنسا ومنذ الأزل هدفها تدمير الإسلام بكل ما أوتيت من وسائل وليس هذا وليد اليوم، الغرب هو من صنع الإرهاب والإرهابيين هدفه تشويه الإسلام، الغرب هو من زرع فكر الرعب والتطرف في أجياله ليبعدهم عن معرفة دين الإسلام، دين التسامح، دين المحبة، دين التكافل الاجتماعي، دين المعاملة، لكنه لم ولن يفلح مصداقاً لقوله الله تعالى* هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون* صدق الله العظيم.

إن الذي يبني سعادته على شقاء الإنسانية لا يجب أن يُعتبر متحضراً، لقد برعت فِرنسا كثيراً في مص دماء الشعوب لبناء حضارة مادية لا حضارة إنسانية متخلقة، إن عورة الشعارات الهوجاء للحضارة الفرنسية قد تكشفت بعد انتشار هذا الكم الهائل من المعلومات الفاضحة لنواياها السيئة بعدما أصبح العالم قرية صغيرة ولم تعد بوتقة الإعلام حكراً على أحد دون سواه، وهذا ليس جديداً على فِرنسا، يجفّ حبر الدنيا ولن يكفي تدوين عدوان فِرنسا على الإسلام، بل لولا فِرنسا لما احتلت أوروبا الأندلس، لها أيادي في الغزوات العدوانية التي شنها الغرب ضد المسلمين، وهي من شوهت صورة الإسلام في الفكر الغربي وزرعت الحقد في أجيال الغرب وكانت الانطلاقة من فِرنسا عن طريق مشروعها الكلوني وحروبها الصليبية بقيادة ملوك فِرنسا، وتبقى الأذناب مولعة بالتحرك كما يحلو للمؤخرة، وجلد الذات لإرضاء الأعداء التاريخيين جريمة نكراء.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة مواد و مقالات الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....