أعمدة الرأي

البريكس تقبل ضم مصر و إثيوبيا و تصفع الجزائر بالرفض ، الفاعل معروف والمغرب في قفص الاتهام !!!

بوحافة العرابي*

إن انضمام المملكة السعودية والإمارات العربية إلى مجموعة البريكس ، قد شكل الحدث الأبرز خلال الأسبوع الجاري . و على ما يتضح ، فإن ثقل الدولتين الخليجيتين الثريتين ، و معهما كل من مصر العربية و إثيوبيا ، قد كلف الجزائر بلا شك التأجيل في ضمها ، وبالتالي رفض قبولها في هذا النادي المغلق للغاية ، و الذي يبدو أن لا مجال فيه لضعفاء القوم و الغوغاء و الرويبضة .

وقد حصلت الإمارات والمملكة العربية السعودية ، المعروفتان بقربهما التاريخي من المعسكر الغربي ، على استقلال استراتيجي حقيقي من خلال مواقفهما الدقيقة بشأن الحرب في أوكرانيا . وقد أدى رفض الأمير بن سلمان للرئيس الأمريكي جو بايدن خفض إنتاج النفط إلى تفاقم هذا البعد عن واشنطن وتفضيل التقارب الموضوعي مع الصين وروسيا .

وفي خطوة جلية ، فقد رحبت دول البريكس بهاتين المملكتين الغنيتين بأذرع مفتوحة ، على أمل الاستفادة من الصناديق السيادية لهذين البلدين حيث العملة تسيل كالماء الزلل ، لإمكانية إنشاء عملة مشتركة ، بناء مشروع بنك التنمية الذي سيواجه البنك الدولي الذي يهيمن عليه الأمريكيون.

وقد أودت هذه الحرب السياسية والمالية الباردة الجديدة بضحية “واحدة فقط “، وهي الجزائر، التي مُنعت من الوصول و الانتماء إلى مجموعة البريكس . وبفضل موقفهما الدبلوماسي الجديد، استخدم الإماراتيون والسعوديون بالفعل كل ثقلهم لمنع دخول الجزائريين ، في صورة يتضح فيها من – الجانب السياسي – أن الجزائر تغرد خارج السرب العربي المرغوب فيه ، خاصة و أنها تدعم جسما دخيلا على الأمة العربية و الإسلامية ، و المتمثل في الدولة الوهمية للبوليزاريو ، و التي ليس لها وجود إلا فوق قطعة أهدتها الجزائر من جسمها لبناء وكر السرطان من أجل إيذاء أخ الأمس عدو اليوم .

الجزائر المعزولة و الأمنية التي تحولت إلى كابوس .

لم تكن العلاقات بين الدولتين الخليجيتين والجزائر في الأشهر الأخيرة جيدة في مختلف القضايا الدولية (ليبيا، اليمن، سوريا، تونس) . كما أن علاقات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مع تركيا ، وبدرجة أقل مع قطر ، لم تكن لتخدم مصالح الجزائر ، و بالتالي قصر المرادية ” دار العيب و بقا حاصل ” . كما أدى تقارب السعودية و الإمارات مع المملكة المغربية ، ورفض الجزائر لأي وساطة من قبل المملكة العربية السعودية بشأن قضية الصحراء إلى تفاقم سوء التفاهم بين الدولة العسكرية و الأشقاء في الخليج.

أما روسيا والصين، المقربان تقليدياً من الجزائر، فلم تدعما حليفتهما إلا بالكاد ، بل حاولتا التنصل و لعب دور ” لا من شاف و لا من دري” . ومن ناحية أخرى و بشكل غريب و براغماتي ، دافعت الصين، بالتنسيق مع روسيا، بحماس عن ترشيح أثيوبيا وإيران التي استثمرت مليارات الدولارات على المدى الطويل . ودعمت روسيا ، بالتنسيق مع الصين، دخول مصر التي تعتبر مواقف المشير السيسي الأخيرة بشأن أوكرانيا مرضية في ظل أزمة الاقتصاد المصري. و بالتالي بقيت الجارة الشرقية معزولة ، و علمت “قدرها الرخيص” لدى القوة الناعمة الجديدة .

أما بالنسبة للهند والبرازيل، اللتين تشترطان انضمام الأعضاء الجدد إلى معايير الاقتصاد الكلي، فقد كان لدى كل منهما تصور سلبي للغاية عن مجال المناورة الاقتصادية للجزائريين، و أن اقتصاد الريع الذي تعرف به الجزائر ، قد يهشم أوداج مجموعة البريكس . فالجزائر ليست قوة صناعية ، و تعتمد بنسبة مايزيد عن 90% من وارداتها على الخارج ، فهي لا تصنع غير الغاز ، و وجودها في البريكس – حسب المؤسسين – سيضعف المنظمة لا غير .

ازدراء لتبون و انتقاص من القوة الضاربة .

ومن الواضح أن فشل ترشيح الجزائر لعضوية البريكس يشكل ازدراء للرئيس الجزائري ، و فشلا ذريعا في القدرة على الإيفاء بالوعود . وبالتالي فهذا الرفض لدمج الجزائر الغنية ، في حين تم قبول إثيوبيا الغارقة في الديون بالكامل ، ومصر التي لا يختلف اثنان على أنها تعيش عصرا حالك السواد ، و هي على وشك الإفلاس ، و تم قبولها في مجموعة البريكس . أمر مهم للغاية ، يوضح اليقين بعدم اليقين في شريك محتمل لا يملك من الروزنامة الاستراتيجية ، إلا ” القيل و القال” ، و صناعة المشاكل الإقليمية ، بحيث شبهت الجزائر أنها مثل الفيل الذي قيل في شأنه ” اللي صوبوا الجمل هدمو الفيل” .

هزيمة جزائرية أخرى وهي ليست الأولى و لن تكون الأخيرة ، في دولة تعتمد على النقل و ” التخماج ” ، و سيتم إلقاء اللوم على تبون المسكين بسبب هذا الفشل من قبل العديد من خصومه داخل الدولة الجزائرية العميقة، وخاصة بين أولئك الذين عقدوا العزم على منعه من الترشح لولاية أخرى ، في حين ستكتب الصحافة الجزائرية أن المغرب و إسرائيل قد غسلا عقول دول البريكس و منعوا القوة الضاربة من الانضمام إلى الحلف الجديد ، و لسان الحال يقول ” طاحت الصومعة علقوا الحجام” .


*كاتب صحفي بالوكالة الأوروبية للأنباء ENA و رئيس هيئة التحرير بالجريدة العربية

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة مواد و مقالات الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....