قرار محكمة العدل الدولية يقضي بإجراءات مؤقتة ضد الكيان الصهيوني .
إدريس زياد – الجريدة العربية
أصدرت محكمة العدل الدولية قراراً يقضي بإلزام إسرائيل اتخاذ كافة التدابير لوقف قتل الفلسطينيين، منع إيقاع ضرر جسدي أو عقلي جسيم بحقهم، وقف أي إجراءات محسوبة للتسبب بفنائهم أو فناء جزء منهم، إلزام الجيش الإسرائيلي بنفس البنود السابقة وبشكل فوري، منع تحريض المسؤولين الإسرائيليين على الإبادة الجماعية ومعاقبة المحرضين، توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، امتناع إسرائيل عن تدمير أي أدلة على ارتكابها الإبادة الجماعية، تقديم تقرير خلال شهر حول تطبيق الإجراءات الواردة في قرار المحكمة، قرار محكمة العدل الدولية افتتح باجتزاء للصراع باعتباره يبدأ من السابع من أكتوبر فقط دون النظر للاحتلال الإسرائيلي كأساس، وكذا مطالبة المقاومة بالإفراج الفوري عن الأسرى الصهاينة لديها واعتبارهم رهائن…
يشكل قرار محكمة العدل الدولية تقويضاً لشرعية الكيان الصهيوني الوجودية، هذا الكيان الطاغي اتخذت في حقه المحكمة الدولية إجراءات احترازية ضد ارتكابه الإبادة الجماعية، وهذا ثمرة مجهود شعبي عالمي يُعتَدّ به ويُعوّل عليه في فضح الصهيونية ونزع المشروعية عنها ككائن نازي استعماري مجرم، قرار محكمة العدل الدولية ينص على وقف إطلاق النار لكنه يتجنب الإشارة له بوضوح كما طلبت جنوب إفريقيا، فالإمتناع عن قتل أي فلسطيني والإمتناع عن التسبب بأي أذى جسدي أو نفسي وإلزام الجيش الإسرائيلي بذلك مع طلب التوفير الفوري للخدمات الأساسية والمساعدات، يعني الأمر بوقف إطلاق النار الفوري، لكن عدم التطرق في القرار إلى وقف إطلاق النار يترك الباب مفتوحاً إلى التأويلات، كما رفضت محكمة العدل الدولية الملتمس الإسرائيلي الذي طلب رفض القضية وإلغاءها من السجل العام، إلا أن القرار صدر بشكل أقرب إلى إجماع دولي على وجود نية الإبادة لدى إسرائيل في حربها على غزة…
القاضي الإسرائيلي المعين لهذه القضية “أهارون باراك” خالف الموقف القانوني لحكومته والذي يرفض اختصاص المحكمة في هذه القضية من الأساس، وأنها تخاطر بتقويض مشروعية إسرائيل حين تعرضها لإجراءات احترازية مؤقتة بناء على اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والتي تراها أنها وجدت لحماية اليهود أنفسهم، فقد صوت القاضي “أهارون باراك” لقرار المحكمة في بندَي منع التحريض وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات، أي أنه منح المشروعية لاختصاص المحكمة وفق اتفاقية الإبادة الجماعية، ويبقى الحدث البارز في قرار محكمة العدل الدولية هو أن القاضية الأمريكية والقاضي الفرنسي والقاضي الألماني صوتوا للقرار بخلاف الموقف المعلن لدولهم، وهذا مؤشر قد يشكل رسالة من تلك الدول على عدم استعدادها للمخاطرة بتقويض النظام الدولي الذي أقامته لاستدامة نفوذها، وإن كانت أمريكا ستناور على تفسير وتأويل قرار محكمة العدل الدولية أنه لا يقضي بوقف الحرب، أما القاضية الأوغندية “جوليا سابوتندي” وهي أول امرأة إفريقية اشتغلت قاضية بمحكمة العدل الدولية قد صوتت ضد كل بنود القرار…
في حين الدول العربية ما تزال تقدّم المبادرات الملائمة للصهاينة لتمنحهم خروجاً آمناً من القبو المهجور الذي علِقوا فيه، وخيارات بديلة مقنِعة يمكنهم أن يتبنّوها، وفوق ذلك يريدون منحهم نوط الشجاعة وقلادة الإنتصار، وتتجلى في المبادرات التي يناقشوها مع أمريكا الأم الغير الشرعية لبني صهيون، هذه الخيارات التي تعتبر بمثابة خيانات للأسف كانت مستترة فأصبحت مفتضِحة لا يشوبها غبار، لكنهم لن يبوءوا إلا بعار ما بادروا لأجله.