عربي

الجامعة العربية : بينما يشتعل الشرق الأوسط ، الجزائر تلعب بورقة الخلاف .

الجريدة العربية – طارق خطاب (le 360)

بينما يتعرض قطاع غزة لإطلاق النار من قبل الجيش الإسرائيلي، ردا على الهجمات غير المسبوقة التي تشنها حركة حماس ضد الدولة اليهودية، لم تجد الجزائر شيئا أفضل من ملاعبة العناصر المخربة . جاء ذلك، يوم أمس الأربعاء 11 أكتوبر ، بالقاهرة، خلال أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، برئاسة المملكة المغربية . ويعقد هذا الاجتماع بدعوة من دولة فلسطين والمملكة المغربية، التي تعد تمثيلتها رئيسة الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، بتعليمات سامية من الملك محمد السادس .

لقد كان كافياً للنظام الجزائري أن يجعل من الجامعة العربية منصة للعب منفرداً مرة أخرى ، فقط ليقدم لنفسه الحد الأدنى من الظهور . في حين أن الوضع غير مناسب على الإطلاق لذلك، والضرورة القصوى هي وقف ضجيج الأسلحة والحفاظ على الأرواح البشرية من سيناريو ثقيل بالفعل في الخسائر والذي قد يصبح أكثر كارثية في الأيام والأسابيع وحتى الأشهر المقبلة .

وفي مواجهة حجم الدراما، اتخذ المجلس قراراً يطالب بوقف فوري للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والمناطق المجاورة له، ويدعو جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس. كما أدان المجلس اغتيال المدنيين من الجانبين (الإسرائيلي والفلسطيني) وأعرب عن رفضه القاطع لأي عمل يستهدفهم، مع التأكيد على ضرورة ضمان حمايتهم، وفقا للقيم الإنسانية العالمية واحتراما للقانون الدولي و القانون الإنساني وقانون الحرب .

وحتى ذلك الحين، كانت الغلبة للحس السليم والواقعية. ولكن ماذا كان رد فعل الجزائر (جنباً إلى جنب مع سوريا تحت حكم بشار الأسد، وبدرجة أقل ليبيا والعراق، وهما دولتان لا تزالان في حالة حرب)؟ إبداء تحفظات . باسم ماذا؟ ورسمياً، رفض “المساواة بين حق الشعب الفلسطيني غير القابل للجدل في إقامة دولة ذات سيادة وممارسات الكيان الصهيوني التي تنتهك الشرعية الدولية” . وبشكل غير رسمي، فإن متعة نسف موقف كان من الطبيعي أن يتقدم عليه المغرب ، الذي يتولى الرئاسة الدورية للجامعة والذي دعا إلى عقد هذا الاجتماع الطارئ .

إن صلابة العالم العربي في مواجهة هذه المحنة، وضرورة اتخاذ موقف حازم وموحد، ولو فقط للحد من الأضرار والأرواح البشرية، سوف تنتظر إلى حين توحيد الفكرة .

وتفصيلاً، فإن إدانة اغتيال المدنيين من الجانبين، مدنيين إسرائيليين وفلسطينيين، هي التي تثير غضب النظام الجزائري ، المعروف بمعاداته للسامية بلا رادع ، والذي تم استبعاده بشكل قاطع من مسيرة التاريخ . على الساحتين العربية والدولية. والنقطة الأخرى الواردة في القرار، والتي لا بد أنها أثارت غضب النظام في الجزائر، هي الدعوة المشروعة والمعقولة للإفراج عن العديد من الرهائن المدنيين الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس. وهذا أيضًا لا يحظى بقبول المجلس العسكري الذي يتغذى على الكراهية . مثلما أن التذكير بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني لا يساعد «النظام». ومثل هذا الموقف يُخرج فعلياً من اللعبة السياسية منظمات مثل حماس ، التي يشكل خضوعها لإيران سراً معلناً . وهذا أمر غير مقبول بالنسبة للجزائر التي تفضل، في وحدتها، الحسابات الضيقة والرغبة التي لا يمكن كبتها في إلحاق الأذى. إن حقيقة أن البيان الصحفي لجامعة الدول العربية يذكر اسم دولة إسرائيل، بينما تتحدث الجزائر بشكل منهجي عن ‘الكيان الصهيوني’، لا يساعد في شؤون النظام الذي يستغل القضية الفلسطينية بثمن بخس لتحقيق أغراض سياسية داخلية .

إن الإدانة في القاهرة للحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة ودعوة وزراء الخارجية إلى التسليم ‘الفوري’ للمساعدات إلى 2.3 مليون فلسطيني يعانون من الغارات الجوية الإسرائيلية المستمرة، ودعوة الدولة اليهودية إلى التراجع عن قرارها الظالم بقطع المساعدات، و انقطاع الكهرباء والماء عن غزة؟ الجزائر، المنشغلة فقط بعزف النغمات الخاطئة لكي تجعل صوتها مسموعاً، لا تهتم. كل ذلك باسم موقف طفولي عفا عليه الزمن، ولكن مع ذلك ‘ثبات عقيدة غير قابلة للتغيير’ للموقف الجزائري بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويجب القول إن جزائر الجنرالات لديها الخبرة اللازمة للتضحية بأرواح البشر بالآلاف فقط من أجل الحفاظ على نفسها.

سوف نتذكر أنه حتى فيما يتعلق بالشعارات ومظاهرات الدعم، فقد أظهر المجلس العسكري إلى حد كبير أنه غير معصوم من الخطأ. وبينما يعيش ‘الشارع العربي’ حالياً حالة من الاضطراب، مع تنظيم المظاهرات في كل مكان، لم تسمح الجزائر بأي مظاهرة لشعبها ضد العدوان ، مخافة أن تتحول إلى مظاهرة ضد نظام العسكر المرتعب .

وقبل كل شيء، سوف نتذكر أن النظام الجزائري ينحاز بشكل متزايد إلى الدول التابعة لإيران. ومن غير المستغرب أن تعرب سوريا والعراق عن تحفظاتهما على قرار الجامعة العربية. مما يحتم علينا الآن أن نتعامل مع نظام آخر تابع لنظام الملالي على حدودنا من جهة الصحراء الشرقية .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة مواد و مقالات الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....