ثقافة و فن

“الدم المشروك”.. دراما مستوردة بملصق مغربي

الجريدة العربية -الرباط

مع حلول شهر رمضان، اعتاد المشاهد المغربي على انتظار الإنتاجات الدرامية المحلية، لكنه هذا العام تفاجأ بعمل يحمل بصمة غريبة عنه، رغم تصنيفه كمسلسل مغربي. “الدم المشروك”، الذي تبثه القناة الثانية، ليس سوى دراما صعيدية مغلفة بغطاء مغربي، حيث يصرخ كل شيء فيه بلكنة مصرية، من السيناريو إلى الأزياء والألوان القاتمة التي تحيلنا إلى أجواء الجنوب المصري.

المفاجأة الأكبر أن القصة ليست وليدة قلم مغربي، بل مستوردة بالكامل من مصر، حيث تولت كتابتها المؤلفة المصرية هاجر إسماعيل، التي طُلب منها تقديم ثلاثة سيناريوهات ليتم اختيار واحد منها وإعادة تدويره في سياق مغربي. لكن، رغم المحاولات الجاهدة لـ”مغربته”، لم يستطع المسلسل الهروب من هويته الأصلية، ليبقى معلقًا في منطقة رمادية بين الدراما المصرية والدراما المغربية، دون أن ينجح في أن يكون أيًّا منهما بشكل واضح.

إن أزمة السيناريو في المغرب لم تعد خفية، لكنها اليوم وصلت إلى مستوى آخر، حيث لم نعد نكتفي بتكرار نفس المواضيع، بل أصبحنا نستورد القصص بالكامل، ثم نحاول تغليفها وإعادة تسويقها للجمهور على أنها إنتاجات مغربية. وكأننا أمام عملية تهريب فني، حيث تعبر القصة الحدود بجواز سفر مصري، ثم تحاول تغيير لهجتها عند الجمارك كي تبدو محلية.

الإبداع المغربي لم يكن يومًا عاجزًا، لكنه اليوم يواجه خطر التبني الفني، حيث لم تعد الأزمة في قلة المواهب، بل في غياب الرؤية والجرأة على تقديم أعمال أصلية. بدلًا من البحث عن حلول لدعم كتّاب السيناريو المغاربة وتمكينهم من صناعة دراما تعكس واقعنا وثقافتنا، نلجأ إلى أسهل الطرق: الاستيراد، وإعادة التدوير، ثم الترويج لعمل لا يحمل من الهوية المغربية سوى الاسم.

إلى متى سيظل المشاهد المغربي يتلقى محتوى مستنسخًا؟

المعضلة ليست فقط في “الدم المشروك”، بل في نهج بدأت بعض الإنتاجات المغربية تسلكه، حيث يصبح الاقتباس المفرط عنوانًا للإبداع، والتقليد حلًّا سريعًا لتعبئة ساعات البث. المشاهد المغربي يستحق أكثر من ذلك، يستحق دراما نابعة من بيئته، قصصًا تُحاكي واقعه، وسيناريوهات تُحترم ذكاءه. أما إذا استمررنا في استيراد الهويات الفنية، فلن يكون مستبعدًا أن نجد أنفسنا أمام دراما مغربية بروح تركية، أو مسلسلات أمازيغية بنكهة مكسيكية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى