
إضراب واسع واحتجاجات نقابية ضد الإصلاحات الحكومية الأخيرة
الجريدة العربية
يعيش المغرب على وقع أزمة اجتماعية خانقة مع تصاعد الاحتجاجات النقابية ضد سياسات الحكومة، التي يصفها العمال بأنها غير مكترثة بمطالبهم. وبعد يوم أول شهد شللاً في عدة قطاعات حيوية، تستمر التعبئة اليوم في ظل أجواء متوترة، تعبيرًا عن الرفض الجماعي للإصلاحات الحكومية الأخيرة، خصوصًا قانون الإضراب الجديد الذي صادق عليه البرلمان مؤخرًا.
الإضراب، الذي دعت إليه أربع من كبريات النقابات في البلاد، حقق نسبة مشاركة قياسية بلغت 84.8% وفقًا لأرقام الاتحاد المغربي للشغل، حيث وصلت النسبة في قطاعات حيوية كالتعليم والصحة إلى 100%، ما تسبب في تعطيل الخدمات باستثناء الحالات الطارئة. كما شملت الاحتجاجات قطاعات المالية، الضرائب، الأمن الاجتماعي، والبريد، مما أدى إلى شلل شبه كامل في المرافق العامة.
ويتركز غضب النقابات حول القانون الجديد الذي ينظم حق الإضراب، والذي تراه الحكومة خطوة إيجابية لتوسيع هذا الحق ليشمل العمال المنزليين والمستقلين، بينما تعتبره النقابات “تضييقًا على الحريات” وتشدد على أنه يفرض عقوبات صارمة ضد المضربين. كما أن مشروع دمج الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) مع الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) دون استشارة النقابات، عمّق حالة التوتر.
الأزمة تتزامن مع وضع اقتصادي صعب، حيث بلغ معدل البطالة 13.3% في 2024، متأثرًا بخسائر كبيرة في قطاع الزراعة بسبب الجفاف المتكرر. كما أن التضخم المتزايد وضعف الأجور فاقما من معاناة الطبقة العاملة، في حين تعتبر النقابات أن خطط الحكومة الاستثمارية غير كافية لحل الأزمة.
وسط هذه الاحتجاجات، يدعو النقابيون الحكومة إلى فتح حوار جاد والاستجابة لمطالبهم، محذرين من تصعيد إضافي في حال استمرار التجاهل الرسمي. في المقابل، تجد الحكومة نفسها أمام تحدٍ كبير: إما احتواء الأزمة من خلال إجراءات ملموسة، أو مواجهة موجة جديدة من الإضرابات قد تزيد من تعقيد المشهد الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.