رياضةمجتمع

لاعبات كرة القدم يشكون من العنف الالكتروني بمدن الجنوب

الجريدة العربية – محمد أكنو


تتزايد نسبة النساء ضحايا العنف في المغرب كل عام وفقاً للإحصائيات الرسمية، ويشكل التنمر الالكتروني أحد اشكال العنف المتزايد الذي تتعرض له النساء في البلاد، إذ بات العنف الالكتروني يمثل 19 في المئة من مجموع أشكال العنف ضد النساء في المغرب بحسب تقرير للمندوبية السامية للتخطيط الذي صدر العام الجاري بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.


وأضافت المندوبية في تقريرها الاخير، أن ما يقرب من 1.5 مليون امرأة مغربية هن ضحايا للعنف الإلكتروني بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية خلال العامين الماضيين.
وترتفع نسبة التعرض للعنف الإلكتروني من 19 إلى 34% لدى الفتيات المتراوحة أعمارهن بين 15 و19 سنة، وإلى 28% لدى النساء المتراوحة أعمارهن بين 20 و24 سنة -بحسب التقرير نفسه- وهذه الفئة الشابة، هي الأكثر نشاطا في المجتمع خصوصا في المجال الرياضي الذي اقتحمته النساء في المغرب في السنوات الأخيرة، وحققن فيه نتائج مبهرة رغم كل التحديات .
ويعرف المجلس الاوربي العنف الإلكتروني (Cyberviolence) على أنه “ظاهرة جديدة تضم مجموعة متعددة من الجرائم وأشكال العنف الأخرى التي تتم عبر الإنترنت، واستخدام أنظمة الحاسوب بهدف أذية الأفراد، أو التسهيل لأفراد متحالفين، أو التهديد من خلاله، وقد يتسبب بأضرار أو معاناة جسدية أو جنسية أو نفسية أو اقتصادية، إضافةً إلى استغلال الفرد بأموره الخاصة أو نقاط ضعفه “.
كرة القدم النسوية
يزداد اقبال النساء على ممارسة كرة القدم في جهة كلميم واد نون كل عام، بحسب معطيات العصبة الجهوية كلميم واد نون لكرة القدم، ويقول احمد الشرقي المدير الاداري للعصبة الجهوي لكرة القدم بجهة كلميم وادنون في تصريح خاص أن “عدد الاندية النسوية الخاصة بكرة القدم بلغ بالجهة عشرة أندية، تلعب فيها أكثر من 600 شابة بجهة كلميم واد نون” بالمقابل يلعب الذكور في أكثر من 46 نادي لكرة القدم موزعة على أربعة أقاليم بالجهة “ بحسب الشرقي.


ويرى مدير العصبة الجهوية أن مشكلة العنف الالكتروني ضد اللاعبات في الجهة، موجود ولا يمكن لأحد أن ينكره” مضيفاً “تزايدت التعليقات المسيئة التي تُكتب ضد اللاعبات على الشبكات الاجتماعية خلال السنوات الماضية، لأن ممارسة كرة القدم النسوية جديد على المجتمع المحلي” .
وأكد المتحدث أن إدارة العصبة تتعامل مع هذا الشكل بمسؤولية، وتفادياً لنشر تعليقات مسيئة، قامت الإدارة بوقف خاصية التعليق على صفحة العصبة الجهوية الرسمية.
تتفق فاطمة بوكشودن، وهي لاعبة سابقة و مدربة حاليا، مع الشرقي بأن التنمر على لاعبات كرة القدم أمر شائع، حتى أصبح معتاداً، أما عن السبب فتقول “لان بعض الذكور للأسف لا يستسيغون أن تنافسهم المرأة في هذا المجال، ويرغبون أن يكون دائماً حكراً على الرجال”.
وعن أشكال التنمر الإلكتروني تشرح بوكشودن : “البعض يتنمر على شكل البنية الجسدية للاعبات وعلى لباسهن الرياضي، ونسمع مراراً العبارة التحقيرية “بلاصتك في الكوزينة ماشي التيران أي “(مكانك المطبخ وليس الملعب)”.


وتعرّف منظمة اليونيسف التنمر الإلكتروني Cyberharcèlement بأنه أحد أشكال العنف الذي يمارسه شخص، أو مجموعة من الأشخاص ضد شخص أخر، باستخدام التقنيات الرقمية. ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنصات التراسل، ومنصات الألعاب الإلكترونية، والهواتف الخلوية. وهو سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم.
ورغم تعرض اللاعبات لكل هذه الضغوط الرقمية والاجتماعية والتنميط والتنمر، تأسست في مدينة كلميم بجنوب المغرب اندية كروية متعددة، وخرجت الكثير من البطلات في كرة القدم.
“فالتنمر والعنف الالكتروني أو الواقعي لا يزيدنا الا إصراراً لإكمال الطريق وتحقيق أحلامنا في هذه الرياضة التي نعشقها” تقول بوكشودن.
تمييز جندري

من جهتها تقول اللاعبة إيمان التي تلعب في الاتحاد الرياضي النسوي لكرة القدم بآسا بأن “التنمر الذي نتعرض له نحن في فريقنا المحلي مختلف، ونعاني من الحكرة وقلة احترام لنا من الفرق الاخرى التي نلعب معها في البطولة الاحترافية الوطنية، حيث يحتقروننا كفريق نسوي ينتمي لمدينة اسا، ويعتبرون لا نستحق اللعب معهم في البطولة الوطنية الاحترافية”.
وتمكن الاتحاد الرياضي النسوي لكرة القدم بآسا من التأهل منذ سنوات الى القسم الممتاز من البطولة الوطنية الاحترافية وهو الآن ينافس كبار الاندية المغربية .
وتتعرض لاعبات اسا الزاك لعنف مزدوج ظاهره مناطقي وجوهره جندري، لان فريق الذكور الممثل لمدينة اسا الزاك لم يسجل التعرض لعنف رقمي او تنمر ضده.
وتشرح اللاعبة إيمان بأن اللاعبات في فريقها يتعرضن دائما للتنمر و العنف الالكتروني بمنشورات وصور ساخرة عبر صفحات على شبكة الفايسبوك، ولهذا فهي ترى بأن كرة القدم النسوية في الجنوب “تحدي صعب لان المجتمع محافظ ويصعب السماح للبنات للعب للكرة الا حالات قليلة”.
وعما يمّكن إيمان وزميلاتها من الاستمرار في اللعب تقول “ما يجعلنا نصمد ونقاوم العنف الإلكتروني الذي نتعرض له يومياً هو وحدة فريقنا وتكاتف جهود مسيريه”.
أما فاطمة وهي لاعبة كرة قدم أيضا في فريق محلي رفضت الكشف عن اسمه ، قالت أنها اضطرت للتوقف عن ممارسة كرة القدم بسبب بعض التعليقات المسيئة التي تتكرر على صفحتها في الشبكات الاجتماعية، وتضيف فاطمة أن ” لاعبتين من أصل عشرين لاعبة ضمن فريقها ، توقفتا عن اللعب بشكل نهائي بسبب العنف الالكتروني الذي لم يستطيعا تحمله “.

في القرى…المعاناة مضاعفة
“المجتمع اكثر مُحافظة في المناطق القروية، مما يُصعّب مهمة اللاعبات، ويزيد ذلك مع انتشار الانترنت والتنمر على اللاعبات من مراهقين بأسماء مستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي”. تقول الناشطة الجمعوية سميرة أوبلا التي تقود منذ سنوات نادي تكنا تغجيجت لكرة القدم النسوية بواحة تغجيجت (70 كلم شرق كلميم)، وهو تجربة فريدة بجهة كلميم واد نون في كرة القد النسوي بمنطقة قروية.
وتقول أوبلا أن اللاعبات في فريقها يتعرضن للتنمر عبر شبكة الانترنت بشكل مُتكرر منذ انطلاقة النادي سنة 2020 ، وعن تأثير هذا العنف عليهن تضيف :”كل مرة يدخلن في نوبات من الحزن والقلق بسبب الضرر النفسي الذي تسببت فيه هذه السلوكات، وفكر بعضهن مرارا في الانسحاب وتوقيف نشاطهن الرياضي”.
وتشير المتحدثة انه بفضل دعمها لهن والتواصل مع أهاليهن تمكن النادي من مدهن بالقوة اللازمة والثقة في النفس، لتجاوز مثل هذه الحالات بحسب تعبيرها.
العنف الرقمي في القانون.


يرى مغاربة أن سن القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، شكل ثورة في الترسانة القانونية المغربية. ويعرف القانون المغربي العنف ضد النساء في القانون المذكور على انه ” كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة”.
ويهدف هذا القانون، الذي دخل حيز التنفيذ في شتنبر 2018 إلى توفير الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف، من خلال أربعة أبعاد، تهدف إلى ضمان الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب والتكفل الجيد بالضحايا.
ويشرح المحامي سالم بيكاس بأن التنمر الإلكتروني قد يتحول إلى جريمة التشهير الرقمي، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي وقانون الصحافة، ويمكن إن تتخذ شكلين من الجرائم:
فإما أن يتخذ شكل جنح القذف المتمثل في ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص معين، في حال كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص المنسوبة إليه سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة. كذلك إذا اتخذ شكل جنح السب المتمثل في كل تعبير شائن أو مشين أو عبارة تحقير حاطة من الكرامة أو قدح لا تتضمن نسبة إي واقعة معينة.


أما الجريمة الثانية فقد تتخذ شكل جنح التشهير والمس بالحياة الخاصة والحق في الصورة، وذلك عن طريق اختلاق ادعاءات أو إفشاء وقائع أو صور فوتوغرافية تتعلق بالحياة الخاصة للأشخاص.
“وتتحقق الجرائم أعلاه بكل وسيلة، من نشر أو إذاعة أو نقل أو إشادة أو تحريض، أو مشاركة للمحتوى أو تسجيل الإعجاب أو الإشادة، وذلك بهدف الانتقام أو الإساءة إلى السّمعة أو السّخرية أو الابتزاز.” بحسب المحامي بيكاس


و يتم اللجوء الى قواعد القانون الجنائي وخاصة الفصول من 442 الى 448 بخصوص الجرائم القذف والتشهير التي لا تتوفر فيها شروط قانون الصحافة.القانون وحده لا يكفيترى زهرة صديق رئيسة فيديرالية رابطة حقوق النساء بجهة مراكش اسفي أن “العنف الالكتروني ضد النساء الرياضيات برز بشكل متزايد خلال الآونة الاخيرة “، مضيفةً “في الماضي كانت الممارسة الرياضية الاحترافية مرتبطة فقط بالرجال، ولم تكن النساء بارزات في المجال الرياضي، وحاليا نواجه عقلية ذكورية اقصائية، بسبب عدم وجود تربية مبنية على المساواة بين الجنسين”.


وتعزو صديق زيادة حالات العنف الالكتروني ضد الرياضيات “الى النجاحات والبروز القوي للنساء في المجال الرياضي في السنوات الأخيرة”، معتبرة أن حل هذا العنف يجب أن يكون اجتماعياً وقانونياً معاً، إذ أن سببه هو سيادة فكر ذكوري تمييزي بين الرجال والنساء، وبالتالي علاجه لن يكون الا بالتربية وبالقانوني.
وتقول صديق “العنف الالكتروني مُجرّم في القانون، ولدينا ترسانة قانونية مهمة في هذا الاطار منها المنظومة الجنائية وايضا القانون 103.13 الذي يسن عقوبات ضد التحرش”.


وتقترح رئيسة فيديرالية رابطة حقوق النساء أن يُحارب العنف الالكتروني من خلال سن خطة معالجة شاملة تتضمن الحماية والتدريب و الوقاية ورفع الوعي، فضلا عن التحفيز، وهذه أدوار مفترض تقوم بها مؤسسات التنشئة الاجتماعية بما فيها المدرسة الاعلام وايضا داخل الاسر، وتختم بقولها “نشر ثقافة المساواة واللا تمييز يجب أن تكون على كل المستويات ويدخل في إطار مسؤولياتها تنقيح الكتب المدرسية من افكار تقصي المرأة” .


وتقدم الرابطة المساعد اللازمة لضحايا العنف الالكتروني والتنمر، من خلال الدعم النفسي والمساعدة القانونية للتبليغ عن مرتكبي العنف الالكتروني فضلا عن حملات للتوعية.


تقدير المرأة الرياضية
مليكة لاعبة سابقة للمنتخب الوطني المغربي للسيدات تقول في حديثها لنا ان التنمر في الملاعب والتنمر الالكتروني مشكلة كبيرة تتعرض له كل اللاعبات. “ففي بعض الأحيان يرفع الجمهور شعارات ذات حملة ساخرة أو عنيفة ضد النساء لإضعافهن نفسياً أو استفزازهن لترك اللعبة”. وتشير اللاعبة السابقة إلى التعليقات المسيئة العديدة التي تُكتب على أي صورة تنشرها أي لاعبة على حسابها على الشبكات الاجتماعية.


ولعبت مليكة اضافة الى المنتخب الوطني، في عدة نوادي لكرة القدم للسيدات في جنوب المغرب منذ سنة 2005، منها نادي غزالة الصحراء ، ونادي اتحاد اسا الزاك في القسم الاول، ونادي ونهضة طانطان.
وتتساءل المتحدثة لماذا يقبل المجتمع تألق المرأة في مختلف المجالات و المناصب الادارية، ولا يقبل ذلك في المجال الرياضي؟.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....