مجتمع

من ميكروفون دار البريهي إلى ميكروفون العبث… راضي الليلي: فقاعة نضال تحت ضوء الخديعة

الجريدة العربيةمكتب الرباط

تتجسد حكاية راضي الليلي في مشهد لا يخلو من سريالية حزينة، كواحدة من أغرب تحولات الإعلاميين المغاربة في العقد الأخير. من مراسل في القنوات الرسمية، إلى منشد في جوقة البوليساريو، بدا وكأنه تمثال شمعي ذاب تحت شمس الطرد والإقصاء، ليُعاد تشكيله على هوى أجندات لا تشبهه… ولا تشبه حتى بعضها.

لم يكن اختيار الليلي من طرف البوليساريو إلا انعكاساً لحالة عطش رمادي، يلهث خلف فتات رمزي، يُلمّع واجهة باهتة انهكها الفشل والتكلس. في إعلام الرابوني، لا يُطلب الإقناع، بل فقط اللمعان تحت ضوء زائف. وهكذا، أُعيد تدوير الرجل كما تُعاد تدوير القارورات، لكن بنكهة أشبه بكوهين دون مجد الجاسوسية: نسخة ضجيج بلا وزن، و”نضال” بلا بوصلة.

أولى هداياه للمملكة المغربية كانت قنبلة صوتية، حين سرب – بوعي أو غفلة – كلمة سرّية للوزير مصطفى سيد البشير في باريس عام 2022، الأمر الذي تسبّب بزلزال داخلي جعل الوزير يختفي لسنوات، وجعل الحركة الانفصالية تمضي في ترميم صورة تزداد تصدعاً. ثم جاءت زياراته الأربع إلى المخيمات، ممولة من السفارة الصحراوية بالجزائر، والتي انتهت بمقاطع عبثية تحوّلت إلى مادة للسخرية في الفضاء الرقمي .

وكمثل من يُطلق النار على قدميه، قدّم الليلي للإعلام المغربي “هدية القرن” حين عرض – بعين الصحفي الغافل – مجسم خريطة الجزائر على مكتب السفير الصحراوي. سقطة مدوية أحرجت من استضافه، ودمرت ما تبقى من ماكياج شردمة البوليساريو.

واليوم، يواصل الليلي أدواره الرمادية داخل وخارج الرابوني، أشبه بمهرّج يتنقل بين خيام سيرك بلا جمهور، باحثاً عن تصفيق مؤجل. البوليساريو، وبعد أكثر من نصف قرن، لم تجد سوى إعلامي مغربي مطرود لتجميل مشروعها المتهالك. وهنا، تكمن المفارقة الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى