حديث الشارع : إنسانية رجل لا شغل له .
الجريدة العربية – لحسن كوجلي
بينما أنا جالس في زاوية “مقشدة” أطلب وجبة الفطور ، وقف علينا رجل بلباس عصري يتطاير العنف من وجهه ، انصرف في جدب الحديث مع صاحب المحلبة , وهو في حالة قلق شديد . وصلت إلى فهم ما كانا يتقاسمانه من حديث , بعدما زرعت مسامعي نحوهما . كان الموضوع منصبا على علاقة بشخص معروف في أفورار بالكلاب الشاردة .
طال الكلام بين الرجلين حتى فاض حديثهما عن ذكر الغائب بالسوء ، وخطر لي لهنيهة , وكأن المتكلم عنه عاقد على صناعة الشر ، بينما حقيقته هو إطعام كلاب شاردة فقط ، تقوده إنسانيته للبحث عن الطعام و نقله إليهم ، وهو يعيش على نقيض أولئك الذين يطالبون بإعدام الكلاب .
موضوع لم أكن أحسبه مهما بالنسبة للشخصين إلى درجة كبيرة ، لكنه كان كذلك ، خصوصا بعدما لمحت تعاظم غضب الرجل . انصرفت من المكان بعدما أنهيت فطوري ، حاملا في صدري وجعا سيظل مبعث حزن في نفسي إلى أجل غير مسمى . إنسان لا شغل له ، هكذا عنونت الموضوع . صاحب القول صدق نفسه , ويحاول أن يكسب ود الآخرين ، بينما طاعم الكلاب ، يشقى بنفسه لأجل مهمة يرى فيها انسانيته ، وقد يأتيه منها من الأجر و الحسنات , وهو ما لن يناله كثير ممن يعتقدون أنفسهم مؤمنين .