
تبسيط المساطر الإدارية في المغرب: بين الإصلاح والتحديات القانونية..
الجريدة العربية – ذ. عبد الله مشنون *
في خطوة جريئة تعكس التوجه الإصلاحي للإدارة المغربية، تم اتخاذ إجراءات واسعة لتبسيط المساطر الإدارية وتقليل التعقيدات البيروقراطية، وهو ما يهدف إلى تحسين جودة الخدمات، تخفيف الأعباء على المواطنين، وتعزيز الثقة بين المواطن والإدارة. كما أن هذه الإصلاحات تتماشى مع التحول الرقمي الذي تسعى إليه الدولة في إطار الحكامة الجيدة.

إلغاء عدد من الوثائق الإدارية غير الضروريّة، مثل شهادة العزوبة، شهادة الحياة الفردية، وشهادة عدم الطلاق، يعتبر مؤشراً على رغبة الدولة في تسريع وتيرة المعاملات وتجاوز العراقيل الإدارية. لكن هذا التحول، رغم إيجابياته، يثير عدداً من الإشكالات القانونية والعملية التي تستدعي نقاشاً معمقاً لضمان عدم حدوث ثغرات قد تُستغل من قبل بعض الأفراد سيئي النية. لكن توجد إشكالات جوهريّة تحتاج إلى إجابة:
– إشكالات جوهرية تحتاج إلى إجابة:
- الضمانات القانونية: كيف سيتم تعويض غياب بعض الوثائق التي كانت تلعب دوراً إثباتياً في الحياة المدنية؟ وهل توجد آليات رقمية بديلة تحافظ على دقة المعلومات دون الإضرار بالحقوق الفردية والجماعية؟
- مكافحة التحايل: هل يمكن أن يؤدي إلغاء بعض الوثائق إلى زيادة حالات التحايل، مثل الزواج المزدوج دون علم الطرف الآخر، أو انتحال الشخصية؟ وما هي الضمانات القانونية والإدارية لمنع ذلك؟
- حماية الحقوق في المعاملات الأسرية: كيف ستتم معالجة النزاعات المتعلقة بالإرث، الزواج، أو الطلاق بعد إلغاء شهادات مثل عدم الطلاق أو القرابة العائلية، والتي كانت تلعب دوراً في ضبط هذه العلاقات؟
- البنية التحتية الرقمية: هل تتوفر الدولة على منظومة رقمية متكاملة تضمن تعويض الوثائق الملغاة؟ وهل هناك استعدادات لضمان شمولية هذه الخدمات، خاصة في المناطق النائية حيث تظل الأمية الرقمية عائقاً؟
- مخاطر التزوير الإلكتروني: مع الانتقال إلى المعاملات الرقمية، كيف يمكن تفادي استغلال بعض الثغرات الإلكترونية في عمليات التزوير أو الاحتيال في العقود والمعاملات الإدارية؟
– بين الإصلاح والحاجة إلى التوازن:
إن تبسيط الإجراءات الإدارية خطوة محمودة نحو تحديث الإدارة المغربية، إلا أن نجاحها يظل رهيناً بمدى قدرة الدولة على توفير بدائل قانونية ورقمية محكمة، تضمن الشفافية وتحمي الحقوق المدنية للمواطنين. لذلك، فإن أي إصلاح في هذا المجال يجب أن يكون مصحوباً باستراتيجيات داعمة، مثل تعزيز الأمن المعلوماتي، تطوير آليات تحقق رقمية متقدمة، وتوعية المواطنين حول كيفية التعامل مع المنظومة الإدارية الجديدة.
خلاصة :
إن تحقيق التوازن بين تبسيط الإجراءات وضمان الأمن القانوني والإداري يظل التحدي الأكبر، وهو ما يستدعي رؤية شاملة تجمع بين المرونة الإدارية والصرامة القانونية لضمان تحول ناجح نحو إدارة حديثة وفعالة.