مجتمع

المغرب : كابوس زواج القاصرات متى ينتهي ؟

الجريدة الإخبارية .

إذا كان قانون الأسرة المغربي يحدد الأهلية الزوجية بـ 18 عامًا في المادة 19 , فإنه أعطى كذلك الحق للنائب الشرعي للقاصر في أن يمضي قدما لإتمام ” زواج القاصر ” . إذ يقول المشرع في المادة 21 من مدونة الأسرة : ” زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي ” و “ إذا امتنع النائب الشرعي للقاصر عن الموافقة بت قاضي الأسرة المكلف بالزواج في الموضوع ” . ( أنظر مدونة الأسرة المواد 19- 20-21 )

تشير الإحصائيات أنه في العام 2020 , صدرت أكثر من12600 حالة بما يعرف بزواج القاصرين , ما يمثل نسبة 6,48 % من الزيجات المبرمة بشكل عام في البلاد .

زواج القاصر خرق تشريعي .

واقع البلد الشمال إفريقي و المتاخم لحوض البحر الأبيض المتوسط متناقض تماما لما يبدو عليه الحال من الخارج . فالمغرب البلد القوي و الغني , الذي يسعى نحو مسار تنموي متقدم , بفضل نهج المؤسسة الملكية و رؤيتها المتفتحة . يعكس واقعا اجتماعيا مؤلما خاصة في مناطقه الشمالية أو الأخرى النائية كالقرى المكونة لتلال السلسة الأطلسية .

في بلد صدر فيه ما يناهز 13000 ” استثناء لزواج القاصرات ” في عام 2020 ، بناءً على ما يقرب من 20000 طلب . يظهر جيدا بأن الأمر ليس استثناء , و إنما ظاهرة مجتمعية تتشبع بها الأسر في مناطق تختلف جغرافيتها و عادتها عن تلك المتواجدة بعموم الحاضرة في المملكة . ( و لا تشمل هذه الأرقام الزيجات المختومة بقراءة سورة الفاتحة ، و هو زواج لا يعترف بها القانون المغربي ) .

إذا كان قانون الأسرة المغربي المعتمد في 2004 ، يحدد الأهلية الزوجية ب 18 سنة شمسية . فإن المادة 20 من نفس المدونة تمنح قضاة محكمة الأسرة الحق في إجازة زواج القاصرين . و هو ” خرق تشريعي ” ( حسب ما تدعيه بعض الجهات الحقوقية ) شجبته المنظمات غير الحكومية النسوية و حتى المؤسسات مثل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي الذي يدعو إلى إلغائه .

زواج القاصرات من أولويات القوافل التوعوية .

هذه المأساة لها أبعاد كبيرة في المناطق النائية المهمشة و غير الساحلية ، مثل ” تافراوتين ” . سبب يدفع بعض المهتمين إلى تنظيم قافلة توعية سنوية في مثل هاته المناطق ، كما تقول السيدة ” نجاة إخيش ” رئيسة ” مؤسسة يطو ” ، التي تعمل منذ أكثر من عشر سنوات ضد زواج المراهقات .

كانت الناشطة المغربية البالغة من العمر 63 عامًا تتجول في منطقة سوس ماسة الناطقة باللغة الأمازيغية منذ منتصف فبراير لمقابلة القرويين و المجتمع المدني المحلي . و هي بذلك تستعد للقافلة المقرر إطلاقها في 15يوليو من هاته السنة . قافلة من المتطوعين الذين يرفعون الوعي بالمشاكل القانونية و الاجتماعية و الطبية و غيرها . كما و ينظمون المناظرات و يوزعون التبرعات على الفئات الأكثر حرماناً في هاته المجتمعات المهمشة . و توضح السيدة نجاة إخيش ” إنه عمل حساس ، لأن الموضوع من الطابوهات و من الضروري كسب ثقة محاورينا ، و قبل كل شيء ، الاستماع إليهم ” .

التعليم هو الحل الأمثل لمكافحة زواج القاصرات .

إن تثقيف المرأة و تطوير استقلاليتها هما ركيزتان أساسيتان في حرب مكافحة زواج القاصرات . توافق السيدة ” كريمة الركراكي “، وهي منسقة ” مؤسسة إيتو ” في الجنوب المغربي ، بقولها : انه ” بعد أن لم تطأ قدمها المدرسة ، تم إجبارها و هي في الرابعة عشرة من عمرها بالاقتران من رجل يبلغ من العمر 56 عامًا . كان عليها أن تقاتل للخروج من ” الظلام ” . ” لقد خرجت منه بفضل عملية دمج القطاع التطوعي . لقد قررت أن أكرس حياتي لمساعدة فتيات المنطقة ، ” .

إن زواج الفتيات القاصرات يبقى آفة مجتمعية تنخر المجتمعات التقليدية . فحيث يسود الجهل بغياب فرص التعليم و التوعية , و بانعدام فرص الشغل أو قلتها , تغطي الزيجات الممنهجة لهؤلاء القاصرات ضعف البنية الاقتصادية للوسط الذي ينتمين إليه . فالكثير من الأسر المغربية أجبرت على ” تصدير ” بناتهن القاصرات غير المتعلمات عبر تزويجهن و هن لازلن في ريعان الطفولة , أو إرسالهن إلى العمل في المدن لسداد لقمة العيش لأسرة يصعب على المعيل فيها الإيفاء بشرط الإعالة لظروف تجتمع فيها مشاكل الاقتصاد و المجتمع و المعرفة .

المصدر
Le Monde avec AFP
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....