
كأس إفريقيا للشباب : أشبال الأطلس يروضون الفراعنة ويحجزون بطاقة في نهائي تاريخي
الجريدة العربية – الرباط
بعد غياب دام 28 سنة عن المشهد الختامي، عاد المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة ليحجز مقعده في نهائي كأس أمم إفريقيا، في مشهد كروي مفعم بالذكاء التكتيكي والانضباط الجماعي، بعدما أسقط المنتخب المصري، مستضيف الدورة، بهدف نظيف حمل توقيع الموهبة الواعدة يونس العبدلاوي.
وعلى الرغم من البداية الصاخبة التي دخل بها الفراعنة المباراة، مدعومين بجمهور غفير واندفاع هجومي مبكر، إلا أن ذلك الزخم لم يصمد طويلًا أمام الصلابة المغربية التي فرضت إيقاعًا خاصًا على اللقاء، حيث تعامل اللاعبون المغاربة ببرود تكتيكي لافت، مُحبطين كل محاولات البناء السريع من جانب مصر، التي بدت عاجزة عن التقدم بخطوطها وسط ضغط مغربي منظم، خصوصًا في عمق الميدان.
وأظهر المدرب محمد وهبي براعة كبيرة في قراءة تفاصيل اللقاء منذ اللحظات الأولى، معتمدًا على خطة متوازنة تمزج بين الكثافة الدفاعية والارتداد الذكي، وهو ما حدّ من قدرة المصريين على إيصال الكرة إلى الثلث الأخير من الملعب. المنتخب المغربي لم يكتف بالتحصين الدفاعي، بل روّض نسق المباراة تدريجيًا، فارضًا سيطرته التقنية مع مرور الدقائق، في ظل تراجع فعالية أصحاب الأرض وتواضع محاولاتهم الهجومية، التي لم تسجل أول تسديدة إلا قبيل نهاية الشوط الأول.
الشوط الثاني كان امتدادًا للتماسك المغربي، لكنه حمل توقيعًا جديدًا من حيث الجرأة الهجومية. ومع دخول يونس العبدلاوي، اللاعب المتألق في صفوف سيلتا فيغو الإسباني، تغيرت ملامح الخط الأمامي، إذ أضفى حركية مختلفة وقدرة على التمركز في المساحات الخالية. وفي الدقيقة 77، كانت ضربة الحسم، حين استغل المغرب ارتباكًا في وسط الميدان المصري، لتبدأ هجمة مركّزة انتهت بعرضية من إسماعيل عواد، وجدت أركيك داخل المنطقة، فمررها بذكاء لتصل إلى العبدلاوي الذي لم يتردد في إسكان الكرة الشباك ببراعة.
وبعد هذا الهدف لم تستطع مصر العودة في المباراة ، فقد كانت الخطوط متباعدة، والإرهاق واضحًا على اللاعبين، في وقت ظل فيه المغاربة أكثر تنظيمًا وهدوءًا، يديرون ما تبقى من عمر اللقاء بوعي يحاكي المنتخبات الكبرى.
بانتصاره هذا، لا يحقق المغرب فقط تأهلاً تاريخيًا إلى النهائي، بل يبعث برسالة كروية مفادها أن الكرة المغربية الشابة باتت تمتلك هوية واضحة وركائز فنية تُبشر بجيل واعد، قادر على مقارعة الكبار، لا بعشوائية اللعب، بل بنضج فكري وفني قلّ نظيره في الفئات السنية.
اليوم ، لا تفصِل “أشبال الأطلس” عن تكرار إنجاز 1997 سوى خطوة واحدة، أمام جنوب إفريقيا. لكن ما تحقق حتى الآن يكفي ليُكتب في سجلات الكرة الإفريقية: المغرب يعود، لا على وقع الصدفة، بل على نغمة الأداء الذكي والتكتيك المُتقن.