حينما تحلق ” اللقالق ” و تحسب أنها صقور ….
حينما تحلق ” اللقالق ” و تحسب أنها صقور …. :
ما الأمر الذي يجعل شخصا ما يصعد للقمة , ثم ينزلق بعد فترة ” نجاح أكيد ” , ليجد نفسه في حضيض نثن , تنهش لحمه كل الأصناف البشرية ؟ ما الأسباب التي تجعل من هذا الشخص الذي ما أنفك يكسب حب الجماهير , يسقط مرة تلو أخرى في درك المغضوب عليهم من نفس الجماهير ؟ و لا يجد في نفسه تبريرا لأفعاله التي أسقطته بالضربة القاضية , و إن حاول المسكين إصلاح ما أفسد , فرب عذر أقبح من الذنب .
يحكى أن الشاعر العربي ” أبا نواس ” دخل على الخليفة العباسي ” هارون الرشيد ” فضربه على حين غفلة في قفاه , فاستجمع الخليفة جأشه ليستل سيفه من غمده . فكيف يجسر أبو نواس على فعلته . فإذا بأبي نواس يستلطفه : على رسلك يا سيدي , لا تغضب لقد ظننتك ” سيدتي زينب ” . فاستجم غضب الأمير , ويحك أيها الفاسف , و هل تجسر على فعل ذلك بسيدتك ” زينب ” ؟ فقال الشاعر : لا يا سيدي و لكن هذا هو حال من يطلب عذرا أقبح من الذنب . فضحك ” هارون الرشيد ” و عفا عنه ….
هكذا يكون حال من إستصغر قوما بعد أن رفعوه شأنا , و أكرموا وفادته و قدموا له ما لذ و طاب . لكن هذا يا سادتي الكرام , كان ” أبا نواس ” و ما أدراك من يكون . لكن ما حال ذاك ” المتفيقه ” الذي استفاق ليجد نفسه معلقا رياضيا و بدا ينسج من بنات خياله او كما يوحى إليه , أو متأثرا بديباجة ” العسكر ” , ليعكر سمو الرياضة و نبلها بحماقة و خفة دم هي أبعد ما يكون عن الياقة و اللباقة , و كاد يعصف كما في ديوان العرب بالحابل و النابل . ويعكر صفوة الجو التي رسمتها قطر الخير بكأسها العربية المتفردة , التي ضاهت في تنظيمها بطولات عالمية كبرى .
استضاف برنامج تونسي رياضي محلي المذيع و المعلق الشهير بقنوات Bein Sport من أجل درشة و تقييم مردود ” نسور قرطاج ” في الكأس العربية , و ربما إعطاء تفسير للجماهير التونسية و العربية عما صدر من المعلق الرياضي تجاه منتخب تونس . لكن صاحبنا كان ” كزرزور ” نفش في زرع القوم , فاستعلى بصوته الجهور , و بدأ يحل و يعقد و كأن ما في الكون معلق على شماعة كلامه المبتذل . استرسل متبجحا بحقده و كرهه الدفين للتونسين , و يا ليته ما نطق . كان يحسب الحديث في قناة تلفزيونية وطنية أمرا هينا , و أن متابعي البرنامج قلة , ” فأكل النعمة و سب الملة ” , و جد المسكين نفسه غارقا في زلاته المتكررة و لم يجد لحاله سبيلا للفرار على ما جنت شفتاه . فبدأ يطلب من كبير القوم أن يسأله ما سبب حقده و بغضه الذي فجره يوم علق على مبارة منتخب تونس ضد المنتخب السوري . و لما ضاق بنفسه ذرعا , و ضاقت عليه الأرض بما رحبت , سأله المذيع التونسي عن سبب حقده الدفين . فأستنجد المعلق المغاربي ” بعذر هو أكثر قبحا من زلته “ . و يا ليته مرة أخرى ما نطق .
على حسابه في المنصة الزرقاء ” تويتر ” نشر المعلق ” المقصود ” بالقول , صورة استفز بها مشاعر العرب و التونسيين , بعد أن غرد و ” لقلق ” : ” محارب الصحراء مر من هنا ” واصفا صورة لاعب جزائري يمشي وسط ثلاث لاعبين تونسين مصابين , و كأنه جندي في ساحة الوغى , بيد أن الأمر يتعلق فقط بمبارة شريفة في كرة قدم بين بلدين شقيقين , ليس لها علاقة بالسياسة و لا بالعسكر . ربما نسي صاحبنا نفسه و ظن أنه وصي على تونس بعدما تلقت قرضا ماليا من بلاده , أم انه ظن أن زيارة رئيسه لبلاد قرطاج في ضل أزمة سياسية تعيشها البلاد , جعلته يتعالى و يظن أنه يفهم في ” شغل الأكابر ” . صورة التويتر التي نشرت على حسابه و تم حذفها بعدما احس ” زميلنا ” بفعله الشنيع , عبرت مرة أخرى عما يعانيه ” صديقي من ” حزقة أخلاقية ” تعبر عن غياب حسي للأخلاق الرياضية و الدماثة .
لم تكن تلك هي الحادثة الأولى لصاحب المهابة و الرقابة , ففي كل مناسبة كروية يخرج من جعبته ما جادت به قريحته و يتعالى على أسياده . فعلها مع مصر حين استفز المصريين في عقر دارهم و رفعت أصوات تطالب بمحاكمته و منعه من دخوله أرض الفراعنة , فعلها مع المغاربة حينما قضى عطلة الصيف على حساب أهل الكرم و الجود , و حينما عاد من حيث أتى ” بصق ” في وعاء الخير الذي أكل منه , و ما اعتذر ….
إن لصاحبنا ذاك باع طويل في ” الحرفة ” , و له صيت واسع ضمن خيالات حكاية قلة ” الذوق ” . لعل ذاكرته ذات الطرفة القصيرة تنسيه أن ” مهنته الشريفة ” و المؤثرة كمعلق رياضي , يجب أن يتحلى فيها بالحياذ و نكران الذات . فأن تعلق على مبارة عربية بين شقيقين تعني أن أن توازن عاطفتك بين الطرفين , و ليس الإنحياز لفريق فتطري عليه , في حين تعكس للأخر وجهك العبوس لأنك تكن الكره و البغض لأهله . أنت إذن ياقصير النظر , تسيء فهم ” رسالة عملك ” . و تزيد من ثقل ميزان زلاتك .
لعل التونسيين كانوا أخر العنقود الذي نكزه صاحبنا معلق قنوات Bein Sport , ( أتمنى ذلك, لكن لا أظن أنها أخر العثرات ) , لأن صاحبنا يعتبر تفجيره لغضبه في التعليق على من يكره ” حصة دعم نفسي ” يفرغ فيها الكبت الدفين و المكتسب . التونسيون أهل جود يا صاحبي , لكنهم لن ينسوا ” مصيبتك ” ربما تناساها المصريون و تجاوزها المغاربة , لكن ” النسور ” لا ولن تسمح لعثرة ” الثعلب أن تقفوا أثر سابقاتها . و إن غدا لناظره قريب .
,