إن الفوضى التدبيرية للموروث الجماعي للأراضي السلالية بإقليم قلعة السراغنة ، أصبح سلوكا نمطيا من طرف المؤسسات الوصية من جهة ، و النواب المنتخبين من جهة أخرى . و ذلك عبر تجاوز المساطر القانونية المؤطرة لنزع الملكية من طرف المؤسسات الدستورية ( العمالة, الولاية , وزارة الداخلية ) بصفتها الوصية الرئيس على الأراضي السلالية . و تجاهل الأعضاء المنتخبين للتوجيهات الملكية السامية حول تثمين عادل و منصف لجعلها قاطرة في برنامج التنمية البشرية المستدامة , و خلق فرص حقيقة للنهوض بالإقليم من خلال إشراك ذوي الحقوق في مسلسل التنمية المستدامة .
لكن للأسف تصطدم هذه الرؤية المولوية السامية لصاحب الجلالة , بواقع يكرس الهشاشة و يساهم في صعود مؤشر البطالة بالإقليم و حرمان ذوي الحقوق من المنتسبين للجماعات السلالية من فرص العيش الكريم عبر نزع أراضيهم و استقرارهم منهم بتبخيس ثمن ملكيتهم و تركهم عرضة لما سلف ذكره .
و يعتبر الوعاء العقاري السلالي لإنجاز مشروع المركز الجامعي كلية العلوم القانونية بقلعة السراغنة التابع لجامعة القاضي عياض ، مثالاً صارخاً لما تتعرض له الأراضي السلالية من مجزرة قانونية و أخلاقية .
فمن الناحية القانونية تم تجاوز مسطرة نزع الملكية و تغيب مقصود لذوي الحقوق – و هم “ طرف رئيسي في القضية بقوة القانون و الدستور و الأعراف ” , – من حقهم الحصول على المعلومة حول مستقبل أرضهم ومآل مصدر عيشهم , إذ تم غلق كل أبواب التواصل معهم رغم كل المراسلات و المحاولات الجادة من طرف ” أصحاب الحق ” في معرفة ما يجري و يحاك إلى حدود كتابة هذه السطور .
و من الناحية الأخلاقية المسؤولية النيابية للمنتخبين بالإقليم , إذ تمت مراسلتهم بشكل رسمي في الموضوع إلا أنه لا جواب على الإطلاق , فعلى ما يبدو أنهم منشغلون بتلميع مسارهم السياسي من خلال التهافت نحو التتويج بإنجاز مشروع ” كلية العلوم القانونية ” في مرحلتهم النيابية و إضافته كإنجاز في حملتهم الانتخابية القادمة على حساب ذوي الحقوق رغم أنهم وصلوا إلى هذه المسؤولية النيابية بأصوات منتسبي الجماعات السلالية بالإقليم .
و من خلال أشغال المجلس الإقليمي لعمالة قلعة السراغنة في دورته الاستثنائية المنعقدة بتاريخ 22 فبراير 2022 , أمعن النواب جليا في تبخيس هذه الأراضي السلالية , و في تجاهل تام للتوجيهات الملكية السامية في خطاب ثورة الملك و الشعب يوم الجمعة 12 أكتوبر 2018 ، أمام أعضاء مجلسي البرلمان ، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة ، و ما يحمله من مضامين تحث الفاعلين على جعل هذه الأراضي السلالية رافعة الاقتصاد الوطني و المحلي و ضامن للاستقرار .
و على خلاف الرؤية المولوية السامية يطالب منتخبو إقليم قلعة السراغنة بمراجعة سومة المتر المربع و التي حددتها لجنة عاملية في 100 درهم للمتر المربع , بينما اقترح هؤلاء النواب المنتخبون ما قيمته 15 درهم للمتر المربع , و هو ثمن بخس , لا يرقى لثمن الحشائش البرية التي تنمو عليه , ضاربين بعرض الحائط كل ” القيم الأخلاقية و أسس الأصالة الاجتماعية ” ناكرين بذلك حق أصحاب الأراضي السلالية في تعويض كريم لحق يبدو أنه أقرب إلى ” الاستيلاء عليه ظلما ” . و بذلك يكرس هؤلاء المنتخبين ” الانتهازيين و المتسلطين ” لمفهوم الهشاشة , و يخالفون التوجيهات الملكية السامية لسيد البلاد و راعيها , و يجعلون هذا الموروث الضارب في ” عمق التاريخ و الوطنية ” عرضة لمافيا العقار و سوء التدبير و يفرغونه من مضامين التنمية المستدامة لذوي حقوق الجماعات السلالية بالإقليم .
إن ذوي حقوق الجماعات السلالية يباركون مشروع كلية العلوم القانونية بقلعة السراغنة , و يدركون أهميته القصوى في تكوين الناشئة و تطوير المسار الأكاديمي لأبناء الإقليم خاصة و للوطن بشكل عام , لكنهم يعترضون على شكل و قيمة التفويت ، و يطالبون بفتح حوار جاد و مسؤول من منطلق حقهم في المعلومة و إشراكهم في القرار مع من ينصب نفسه في مكان ” صاحب الحق في التصرف بعجرفة و تسلط على الأراضي السلالية ” .
و باعتبار أن ذوي حقوق الجماعات السلالية هم الحلقة الأضعف في سلسلة التصرف في هذا ” الحق العيني ” , و ذلك لغياب نواب شياع حقيقيون يترافعون عن حقوق الجماعة و يساهمون في تنزيل التوجيهات الملكية السامية ، و يجعلون المتابع يدرك تمام الإدراك عدم اهتمام المنتخبين بذوي حقوق الجماعات السلالية إلاّ في مرحلة الانتخابات .
لقد أصبح من الضروري لشباب الجماعات السلالية التكتل في هيئات أو جمعيات تمكنهم من للدفاع عن حقوقهم وفق التشريعات و القوانين الجاري بها العمل في بلد يعتبر النشاط التعبيري المنظم هو ركيزة أساسية لبناء دولة المؤسسات .