مجتمع

عودة ظاهرة سباحة الأطفال في واد أفورار مع ارتفاع درجات الحرارة: بين الحاجة للترفيه ومخاطر الإهمال

الجريدة العربية : لحسن كوجلي – أزيلال

مع بداية ارتفاع درجات الحرارة بمنطقة أفورار التابعة لإقليم أزيلال، تعود إلى الواجهة ظاهرة سباحة الأطفال في مجرى الواد المحلي، في مشهد يتكرر سنويًا ويعكس غياب البنيات التحتية المخصصة للترفيه والأنشطة الرياضية، خصوصًا في صفوف الأطفال.

الواد، المعروف بعمقه وخطورته، يتحول خلال فصل الصيف إلى ملاذ طبيعي للأطفال الباحثين عن متنفس يقيهم لهيب الحرارة، في غياب مسابح مهيأة ومساحات آمنة. ورغم إدراك الأسر والفاعلين المحليين لمخاطر هذا السلوك، إلا أن الفقر وغياب البدائل يجعل من هذه الممارسة خيارًا “قسريًا” في نظر الكثيرين.

وتعكس الظاهرة فشلًا واضحًا في السياسات المحلية الموجهة للطفولة، حيث لا تتوفر الجماعة، التي يناهز عدد سكانها 20 ألف نسمة، سوى على مسبح صغير قديم، وآخر شبه أولمبي توقفت أشغاله لأسباب لم تُعلن بشكل رسمي. كما يُلاحظ غياب أية رؤية متكاملة للنهوض بالبنية الرياضية والترفيهية التي تضمن سلامة الأطفال وتوفر لهم حقهم في اللعب والتعلم الآمن.

يرى بعض المراقبين أن ارتباط الأطفال بالواد ليس وليد الصدفة، بل هو امتداد لعلاقة وجدانية تاريخية بين الإنسان والمجال، زاد من رسوخها غياب تدخل حقيقي من السلطات المحلية والمجالس المنتخبة التي كانت، في وقت سابق، ترفع شعارات التغيير دون أن تترجمها إلى مشاريع واقعية.

وفيما تُسجل سنويًا حوادث غرق مأساوية في عدد من الجماعات الترابية بالإقليم، تبقى أفورار نموذجًا صارخًا لما يمكن أن يؤدي إليه تجاهل حاجيات الطفولة. ومع ذلك، يؤكد بعض السكان أن أبناءهم يتعلمون السباحة بشكل فطري، وأن القرب من هذه المجاري المائية يمنحهم خبرة مبكرة في التعامل مع الماء، ما يجعل حوادث الغرق أقل نسبيًا مقارنة بالأطفال الذين يفتقدون هذا الاحتكاك المباشر.

وتبقى المفارقة قائمة: بين خطورة السباحة في مجرى طبيعي غير مؤهل، وبين الحاجة إلى فضاءات تربوية وترفيهية تحفظ كرامة الطفولة وحقها في التوازن النفسي والجسدي. وهي مفارقة لا يمكن معالجتها إلا برؤية تنموية حقيقية تراعي العدالة المجالية وتضع الطفل في صلب أولويات السياسات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى