الجريدة العربية – إدريس زياد
“فاغنر” صورة لحضارة الغرب في الجانب الإنساني، ومثال للجشع والجنون والتوحش، بريغوجين قائد فاغنر من أصل يهودي تَمّ الحكم عليه حينما كان شاباً بالسجن لمدة إثنا عشر عاماً بسبب السرقة، بعد ذلك أصبح صاحب مطاعم لخدمة الكرملين، ربما يكون الإيحاء بأن هذا اليهودي الذي يقود قوات فاغنر متعاطف مع الحكومة الأوكرانية التي يرأسها زيلينسكي اليهودي، وهذا هو السبب في تأخر حسم معركة أوكرانيا، لذلك تم حل فاغنر في روسيا وأُبْقِيَ عليها في افريقيا، لكن برأيي لا أضع الانتماءات العرقية أو الأصول الدينية أساساً للتحليلات السياسية أو العسكرية، فهناك من يبيع وطنه وعرضه ودينه مقابل المال والسلطان، لكن الغريب في الأمر هو أن قائد فاغنر تحول من مدان بالخيانة العظمى ضد الوطن إلى طرف يتم التفاوض معه من قبل شخصية نافذة روسية وبوساطة من رئيس بيلاروسيا لحقن الدماء، إلا أن القصة انتهت بحادث سقوط الطائرة التي كانت تقلّ قائد فاغنر الذي هلك ومن معه…
دول الغرب ساهمت في المزيد من التوسع لمخاطر ظاهرة فاغنر وتحالفاتها ومآلات وجودها وتمكنها في مالي ووسط أفريقيا، ولاسيما السودان كممر ومخرج مهم لحركة التهريب الواسعة لمناطق وسط أفريقيا المختلفة، فرنسا تسعى لاستعادة دورها في افريقيا من خلال لعب دور منقذ افريقيا، وعلى هامش قمة باريس اتهم الرئيس الفرنسي روسيا بزعزعة استقرار افريقيا من خلال ميليشيات فاغنر وطالب بتحرك دولي في إفريقيا لكبح جماح روسيا، كما حذرت أيضاً فرنسا من النفوذ الروسي منذ سنوات لتبرير فشلها الذريع في إفريقيا وتراجع نفوذها…
هذا مصير كل من يستخدم قوات غير نظامية في العمليات القذرة ليهرب من المحاسبة كمن يختبئ وراء أصبعه، بدأ الأمر في السودان مع قوات التدخل السريع التابعة لحميدتي وهذا ما يحدث مع فاغنر وحتماً سيحصل مع الجزائر ومولودها غير الشرعي المرتزق البوليزاريو لأن إطلاق يد الميليشيات الإرهابية وتمكينها يورث الكوارث، وهذا ديدن من يعمل بالإيجار مهما علا، ونقطة الاختلاف بين فاغنر والميليشيات المعروفة عالمياً هو أن فاغنر عكسها، تعتمد على ذاتها وتتعاون مع من يدفع ولا تتحالف مع أحد ولا تشتغل بإشارة دولة من الدول، بل يكون مجرد اتفاق مع بعض الدول على إنجاز مهام قذِرة محددة…
اللهم إن نفراً من خلقك قد بغوا في الأرض، واستقووا على عبادك وأسِروهم وقطّعوا أرحامهم واستعبدوهم وروّعوهم وأذاقوهم العسرة والوبال وأجهدوهم جهداً شديداً، اللهم افضُضْ جماعتهم، وشتّت كلمتهم، وأسلِمهم إلى فنائهم، فلا يقومون ولا ينتصرون، اللهم لا تُحكِم لهم ما أبرموه، واحلل لنا ما عقدوه، واكفنا شرّهم، واصرف عنا كيدهم، واجعل تدميرهم في تدبيرهم، اللهم اشدُدْ وطأتك عليهم، وابعث عليهم أياماً يابسة حارّة جافية، تمنع رقادهم، وتقضّ مضاجعهم، وتفسد كل لذّة انتقصوها من عبادك الضعفاء، اللهم نكِّسْ رؤوسهم، واكشف وجوههم، وضيّعْ ثغورهم، وشرّد بهم مَن خلفهم، اللهم لا تدلّهم على طريق يوصلهم إلى مأمنهم، ولا فريق يؤويهم، ولا منزل يطمئنون فيه، ولا تجعل وراءهم من يسأل عنهم، اللهم اخطف أبصارهم التي امتدت إلى الحُرَم والأعراض، واجدَعْ أنوفهم التي تتشمّم الآثار وتطارد الأخبار.
-
-
-
-
-
-
