عالم المهجر

عتاب للسلطات المغربية بخصوص تأخر تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وحقوق الجالية المغربية المقيمة بالخارج .

الجريدة العربية – الحسين فتيح *

إيطاليا – 19 يناير 2025 : تظل الجالية المغربية المقيمة بالخارج واحدة من الركائز الأساسية التي تعتمد عليها المملكة المغربية في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ورغم أن الدستور المغربي، وتحديدًا في الفصلين 16 و17، يضمن للمغاربة المقيمين بالخارج حقوقًا سياسية ومدنية، إلا أن واقع الحال يعكس غياب التنفيذ الفعلي لهذه الحقوق في العديد من الأحيان، فضلاً عن تأخر تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تساهم في تسهيل حياة هذه الجالية.

تأخر تنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية

من أبرز الإكراهات التي تعاني منها الجالية المغربية في الخارج، هو التأخير الكبير في تفعيل بعض الاتفاقيات الثنائية التي تم التوصل إليها بين المغرب ودول أخرى، ما يؤثر سلبًا على مصالح المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج. على سبيل المثال، اتفاقية تحيين رخصة السياقة المغربية بنظيرتها الإيطالية، التي تم توقيعها في27 مارس 2024 بين السيد السفير المغربي يوسف بلا ووزير البنية التحتية والنقل المستدام الإيطالي، السيد ماتيو سالفيني، حيث استغرقت خمس سنوات كاملة للوصول إلى توقيع الاتفاقية.

سفير المغرب بإيطاليا يوسف بلا رفقة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير البنية التحتية والنقل ماتيو سالفيني أثناء توقيع اتفاقية ثنائية بخصوص تحيين رخصة السياقة المغربية بنظيراتها الإيطالية

ورغم التوقيع عليها في مارس 2024، فإن الاتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ إلا بعد أن تمت إحالتها على مجلس الحكومة المغربية يوم 3 أكتوبر 2024، ثم تمت الموافقة عليها في المجلس الوزاري بحضور صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله في 4 دجنبر 2024. وقد تم أيضًا عرض الاتفاقية على اللجان البرلمانية التي قرأت الاتفاقية لأول مرة، لكن حتى الآن، لم يُعلن عن تفعيلها بشكل رسمي. هذا التأخير في تنفيذ اتفاقيات في غاية الأهمية، مثل اتفاقية رخصة السياقة، يعكس تباطؤًا شديدًا في تنفيذ المعاهدات التي تخدم مصالح الجالية المغربية في الخارج، وهو ما يتركهم في حالة من الانتظار المستمر دون أي نتيجة ملموسة.

الآثار السلبية للتأخير على الجالية المغربية

إن التأخير في تفعيل هذه الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ينعكس بشكل سلبي على حياة المغاربة المقيمين بالخارج. فالجالية المغربية تواجه تحديات كبيرة في مجالات عدة مثل الرعاية الصحية، والحقوق القانونية. ويُضاف إلى ذلك غياب تفعيل الاتفاقيات التي من شأنها تسهيل حياتهم اليومية، مثل اتفاقيات رخص السياقة، التي تأثر تأخير تنفيذها بشكل كبير على أفراد الجالية المغاربة في الخارج، لا سيما في الدول الأوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا…

المغاربة الذين يواجهون صعوبة في استبدال رخصة السياقة المغربية بنظيرتها الإيطالية، يجدون أنفسهم في مأزق قانوني، ما يعرضهم للمسائلة القانونية والمالية في حالة القيادة بدون رخصة معترف بها. هذا التأخير يُحجم من قدرة المغاربة على الاندماج بشكل كامل في مجتمعاتهم الجديدة.

مطالب ملحة بتسريع تنفيذ الاتفاقيات

نطالب الحكومة المغربية بتسريع الإجراءات اللازمة لتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تهم الجالية المغربية في الخارج. إن التأخير في تفعيل الاتفاقيات يؤثر سلبًا على مصالح هذه الجالية، ويعمق شعورهم بالإقصاء والتهميش من النظام الوطني. إذا كان الهدف من هذه الاتفاقيات هو تحسين وضع الجالية المغربية بالخارج، فلا يجب أن يستغرق تنفيذها سنوات طويلة، بل ينبغي أن تكون الإجراءات أسرع وأكثر كفاءة، حتى يتمكن المغاربة المقيمون في الخارج من الاستفادة منها في أقرب وقت ممكن.

آمال وتطلعات الجالية المغربية

إن الجالية المغربية المقيمة بالخارج تنتظر من الحكومة المغربية أن تتعامل مع قضاياها بجدية أكبر، وأن تُسرع في تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تم توقيعها، لضمان حياة أفضل لأفراد الجالية في مختلف المجالات. إذا كانت سنة 2025 هي بداية جديدة كما نتمنى، فيجب أن تبدأ الحكومة المغربية في اتخاذ خطوات عملية تضمن تنفيذ هذه الاتفاقيات بشكل سريع وفعّال، لتكون هذه السنة بداية لتحسين وضع الجالية المغربية في الخارج وتلبية مطالبها المشروعة.

إن الجالية المغربية في الخارج تستحق أن تُعامل بما يليق بها، وأن يتم تمكينها من حقوقها الدستورية والاقتصادية والاجتماعية بشكل كامل وبدون تأخير.


* الحسين فتيح : الناطق بإسم الإئتلاف الجمعوي بإيطاليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى