سيغموند فرويد : الحقيقة تظهر مع زلات اللسان .
فريد أشقدي
يقصد مؤسس علم التحليل النفسي الألماني سيغموند فرويد من خلال هذه القولة ” الحقيقة تظهر مع زلات اللسان ” , أنه لا يُمكن اعتبار زلات اللسان أخطاء أو ما شابه , بل هي أكثر الكلمات صدقاً ينطق بها اللسان , لأنها تخرُج من اللاوعي إلى اللسان مباشرةً , دون المرور على محطة الوعي الذي يُقيّدها و يصقلـها و يُزيّنـها وفقاً لـمفاهيمه .
زلات اللسان حسب فرويد أكثر الأشياء التي توضح مكامن الإنسان دون نفاق وكذب . فهي تقول ما يؤمن الانسان به حيث أنها ليست أخطاء بريئة , و لكنها تعبر عن مكنونات داخلية , و أفكار و رغبات لا واعية , قد تكون قمعت في وقت مضى . مثلا يا عزيزي , اذا قالت لك صديقتك أنت غبي ثم أضفت بعد أنها كانت تمزح معك فقط . هذا يعني بالنسبة لها أنك غبي في الحقيقة . زلات لسان قد تأتي في مظهرها مضحكة , إلّا أنها في داخلها تحمل رسائل عميقة ، لا شيء يحدث بالصدفة . كل حادثة أو كلمة تأتي من الإنسان , تحمل معانٍ خفية . كل الهفوات اللفظية التي تأتي على شكل زلة لسان تفضح المشاعر و الرغبات المكبوتة في العقل الباطني .
في العام 1901 أصدر سيغموند فرويد كتاب ” سيكولوجية الحياة اليومية ” , متحدثاً فيه عن زلات اللسان التي عرفت في وقت لاحق باِسم” الانزلاق الفرويدي” ، يؤكد “فرويد” في نظريته أن الهفوات الكلامية ليست “بريئة” ، ولا تحدث بشكل عرضي كما يعتقد البعض ، بل تعكس رغبات حقيقية وأمنيات مدفونة في العقل الباطني ، مشبّهاَ زلات اللسان بمرآة النفس التي تعكس الأفكار والدوافع الموجودة في اللاوعي . أما توماس فورد وهو أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة كارولينا ، فيشير إلى أن هذا النوع من التحيّز المُهين المخفي في عباءةٍ من المرح والفكاهة , قد يبدو في ظاهره غير ضار وتافه . إلا أن مجموعة كبيرة من أبحاث علم النفس ، تشير إلى العكس تمامًا . إذ تعزّز تلك العبارات التافهة من التمييز والعنصرية , ضد بعض الأفراد و الجماعات ، مما يحمل الكثير من الناس في ما بعد على إخفاء حقيقتهم ومعتقداتهم ، لأنهم يخشون انتقادات الآخرين …