أخبار محلية

بين ألم المرضى وغفلة المسؤولين.. صيدليات تملالت تغلق أبوابها مع غروب الشمس(فيديو)

الجريدة العربية – محمد الحجوي (تملالت)

تعاني مدينة تملالت من مشكلة كبيرة تتمثل في عدم توفر صيدليات تعمل خلال فترات الليل، مما يخلق معاناة حقيقية للسكان الذين يحتاجون إلى الأدوية في أوقات الطوارئ. فمع غياب الخدمة الصيدلانية المسائية، يضطر المرضى وأسرهم إلى البحث عن بدائل قد تكون غير متاحة أو غير آمنة، مما يعرض صحتهم للخطر.

في حالات الأمراض المفاجئة أو الألم الشديد، يصبح الحصول على الدواء ضرورة لا تحتمل التأخير. لكن مع إغلاق الصيدليات، يلجأ بعض السكان إلى استخدام أدوية قديمة أو غير مناسبة، بينما يضطر آخرون إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب صيدلية في بلدة مجاورة، إن وجدت. هذا التأخير في تلقي العلاج قد يؤدي إلى تفاقم الحالات الصحية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن.

رغم تكرر الشكاوى من السكان، إلا أن الجهات المعنية لم تتخذ إجراءات كافية لمعالجة هذه المشكلة. فوجود صيدلية ليليّة واحدة على الأقل يمكن أن يشكل فرقًا كبيرًا، لكن عدم وجود سياسات واضحة لتشجيع الصيادلة على العمل في هذه الفترات يزيد من استمرار الأزمة.

من الضروري أن تتدخل السلطات المحلية والصحية لإيجاد حلول دائمة، مثل توفير حوافز للصيادلة لتشغيل صيدليات ليلية، أو إنشاء نظام صيدلية دورية بين الصيادلة المحليين. كما يمكن تعزيز خدمات الطوارئ الطبية لتشمل توفير الأدوية الأساسية خلال الليل، مما يخفف من معاناة السكان ويضمن سلامتهم الصحية في جميع الأوقات.

تُعد هذه المشكلة اختبارًا لمدى استجابة الجهات المسؤولة لاحتياجات المواطنين، خاصة في القرى والمناطق النائية التي تعاني من نقص الخدمات الأساسية. فالصحة حق للجميع، ولا ينبغي أن يعاني السكان بسبب نقص البنية التحتية الطبية.

تُجسّد أزمة غياب الصيدليات الليلية في تملالت نموذجًا صارخًا للتحديات التي تواجه المناطق النائية في توفير الخدمات الصحية الأساسية. فما يعانيه السكان ليس مجرد إزعاج عابر، بل هو قضية حياة أو موت في بعض الأحيان، خاصة في حالات الطوارئ التي لا تنتظر ضوء النهار. ومع تكرار الشكاوى دون حلول جذرية، تتعمق الفجوة بين احتياجات المواطنين ومسؤولية المؤسسات المعنية، مما يطرح تساؤلات حول أولويات التنمية المحلية وعدالة توزيع الخدمات.

إن معالجة هذه المشكلة لا تقتصر على فتح صيدليات ليلية فحسب، بل تتطلب رؤية متكاملة تشمل توعية المجتمع بأهمية الخدمات الصيدلانية الطارئة، وإشراك القطاع الخاص عبر حوافز ضريبية أو دعم لوجستي، وتعاون الجهات الصحية مع الصيادلة لإنشاء نظام تناوب ليلي. كما أن توظيف التكنولوجيا، مثل تطبيقات الطلب السريع للأدوية أو خزانات أدوية ذكية في المراكز الصحية، قد يكون حلاً مبتكرًا يُخفف من حدة الأزمة.

ويبقى ضمان الحق في الصحة لسكان تملالت – وغيرها من القرى المهمشة – يتطلب إرادة سياسية واجتماعية تضع الإنسان في قلب السياسات التنموية. فالدواء ليس رفاهية، بل هو حاجة ملحّة لا تحتمل التأجيل. ولا يُعقل أن يظل المواطنون رهينة غياب الخدمات في القرن الحادي والعشرين، بينما الحلول ممكنة إذا توافرت النوايا الصادقة والتعاون بين الأطراف كافة. فقط عندما تُعالج هذه القضية، ستثبت المؤسسات أنها لا تخدم أرقامًا إحصائية، بشرًا يستحقون حياة كريمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى