
بقلوب خاشعة ومفعمة بالحزن، المغرب يودّع الشيخ عبد العزيز الكرعاني، أحد أبرز أئمة الدار البيضاء وعلمائها المتواضعين
الجريدة العربية
فُجِعت الأوساط الدينية في المغرب صباح السبت بنبأ وفاة الشيخ الجليل والعالِم الفاضل عبد العزيز الكرعاني، الذي وافته المنية داخل مصحة خاصة بمدينة بوسكورة، بعد معاناة طويلة مع مرض عضال، ليرحل عن الدنيا تاركاً وراءه إرثاً روحياً وصوتاً خاشعاً ظل محفوراً في ذاكرة المصلين.
كان الراحل إماماً لمسجد القاضي عياض بمدينة الدار البيضاء، كما مارس التدريس في مؤسسة تعليمية خاصة، مؤمناً برسالة العلم والتربية، مجسّداً بذلك صورة العالِم المتنور الذي يجمع بين الإمامة والتعليم، وبين تلاوة القرآن الكريم وتزكية النفوس.
اشتهر الشيخ عبد العزيز الكرعاني بصوته العذب المفعم بالخشوع، وأسلوبه المميز في تلاوة كتاب الله، الذي شدّ إليه قلوب المصلين كباراً وصغاراً. ولم تكن هذه الصفات وليدة الصدفة، بل ثمرة لمسار قرآني انطلق منذ نعومة أظافره، حيث التحق بكتاب قرآني في سن الخامسة تحت إشراف أحد أعمامه، الذي كان من حفظة القرآن الكريم ومن الذين نذروا حياتهم لخدمة كتاب الله وتعليمه للأطفال.
في أحد الحوارات التلفزيونية النادرة، استعاد الشيخ عبد العزيز ذكريات بداياته في الإمامة، حيث بدأ مساره في مسجد عمه، قبل أن ينتقل إلى مسجد التوبة، الذي قضى فيه خمس سنوات، ثم إلى مسجد التيسير بحي سيدي معروف لمدة ثلاث سنوات. ومن سنة 2003 إلى 2006، أمّ المصلين في مسجد السلام خلال شهر رمضان، ليستقر به المقام أخيراً في مسجد القاضي عياض، الذي ظل وفياً له حتى آخر رمق من حياته.
إن رحيل الشيخ عبد العزيز الكرعاني لا يُعدّ خسارة لحيّ أو مدينة فحسب، بل فقدان لرمز من رموز التلاوة المغربية الأصيلة، ونموذج يُحتذى به في الخشية والتواضع ونشر رسالة الدين بالحكمة والموعظة الحسنة.
رحم الله الفقيد رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وألهم ذويه وتلامذته ومحبيه جميل الصبر والسلوان.