ثقافة و فن

إلى أبناء مدينتي في المهجر .

الدكتور السعيد أخي .

الى أبناء مدينتي في المهجر .

في لحظات يمكن للخاطر أن يجول و أن يتذكر و أن يعود إلى الصبا إلى الحارة إلى الدرب إلى الزقاق يفتش عن نفسه بين من بقي من الناس وبين الشجيرات الباسقات المتبقيات ، في لحظات يشدك الحنين إلى الذي فات بين الحضور و الغياب ، في قلعة السراغنة المدينة قديما كانت المدينة حاضرة في عمق اللحمة بين أبنائها وبين الأمهات الشامخات .

الدكتور السعيد أخي - دكتور في النقد والبلاغة وأنماط التلقي
الدكتور السعيد أخي
دكتور في النقد والبلاغة وأنماط التلقي

في القلعة كان الرجال يحلمون بمدينة تتسع جمالا ورونقا وخصبا ، كان شباب المدينة راغبين في البناء و التحدي …. لكن الحلم كان قاسيا وكانت المغامرة مطلبا وكانت الرحلة نحو الضفة الأخرى عسيرة ، أن ترحل ساعتها ، كان الجواز وثيقة وفكرة تكلف جهدا كبيرا ، وكانت عزيمة الشباب من صخر وصبر ، تركوا المدارس و الجامعات والمعاهد ، وشمروا نحو العبور ، فعبروا كانت الوجهة إيطاليا و فرنسا و بلجيكا و إنجلترا … شباب كالورد هاجروا وثابروا لقد تحولت القلعة معهم إلى ورش إلى خلية نمل في البناء و التجارة …. كنا نحن شاهدون على ذلك ، كل الأسر في المدينة ساهمت بمهاجر إلى هناك ، هم يعيشون الغربة بمرارتها ونحن ننتظرهم كل صيف لنفرح معهم وبعودتهم ، في كثير من الأحيان كنا مقصرين في حقهم …. كانوا معنا في كل أحزاننا و أفراحنا وكنا كذلك معهم ، لم نحس بالبعد و الفرقة و هم هناك . القلعة اليوم تحولت و تبدلت و تغيرت و أصبح الشباب المغترب هناك يحس بغربتين واحدة في بلاد المهجر و أخرى في المدينة التي تشعبت دروبها و اتسعت أركانها وكبر صغارها …. الذي لم يتغير هو حنين الشباب المهاجر للمدينة وللذكريات و للأمكنة وللزمان الجميل …. ذكريات الشباب المهاجر تشدك لتحبهم وتحب المدينة … نحن جيل لا ينسى . موشومة هي الذكريات مع الرفاق في كل لحظات الماضي الأنيق و العائلات المتأصلة …. الشباب المهاجر لم يكن هاربا من فقر أو خصاصة أبدا ، كانت الهجرة حلما ورغبة في حب المغامرة و العطاء و البناء بناء الذات و بناء المستقبل … لنا رفاق و أحبة هناك هم في القلب أبدا …. لم يكن سهلا علينا أن يصل خبر وفاة أحدهم نعتصر ألما وضيما وحرقة على فقدان الصحاب ولكن لكل أجل كتاب ، هناك في إيطاليا اجتمع الأحبة لم تكن المناسبة فرحا بل كان الفقد ثقيلا و المصاب جللا . كانت وفاة الحاج عز الدين بنخالق ، دعوة إلى اللقاء و إلى التوحد و إلى الحضور ، حضر الإخوة من كل مكان ، في أوروبا اجتمع الرجال مرة أخرى أبناء المدينة أخلصوا الوعد ليودّعوا الروح الطاهرة للفقيد ، كنا نحن هنا نتشوق للقائهم وكنا حاضرين معهم قلبا وخاطرا وكانوا يبعثون الصور لحظة لحظة لم نفارقهم حتى وري جثمان الفقيد الثرى . اجتمع الرجال وودعوا أخاهم و رفيق دربهم : ” حسن عرفة ” . ” أخي محمد ” . ” عمر الهداجي ” . ” محمد البغدادي ” . ” امجيد بلكايد ” . ” العربي بلا ” . ” عبد الهادي اعميمي ” . ” مراد بن نجيب ” . ” عمر فنتاس ” … و اللائحة تطول …. أبناء المدينة هؤلاء هم الذين نسميهم بالمهاجرين أنا أسميهم بالمناضلين الذين فعلا , غيروا كثيرا من الأمور بحبهم للخير و العطاء و التضحية و نكران الذات ، ننتظركم . أنا اتوسل اليكم أن تظلوا متماسكين متحدين …. ننتظركم مرة أخرى وللحديث بقية .

حفظكم الله من كل سوء .

مواضيع قد تهمك :

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....