
المغرب يبني المستقبل بسرعة 350 كم/ساعة: القطار فائق السرعة بوابة للتنمية المستدامة”
الجريدة العربية – ياسمين ماموني
يتجاوز المغرب الحدود التقليدية في بناء المستقبل بخطى واثقة، حيث أطلق جلالة الملك محمد السادس مشروعًا ضخمًا لمد خط القطار فائق السرعة (LGV) من القنيطرة إلى مراكش، بطول 430 كيلومترًا وبتكلفة تفوق 53 مليار درهم. المشروع لا يقتصر على تطوير النقل السككي، بل يُعد رؤية متكاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة.
في عام 2018، أدهش المغرب العالم بإطلاق أول قطار فائق السرعة “البراق” في إفريقيا. والآن، يواصل رحلته الطموحة بخطة تمتد حتى عام 2030 تشمل تصنيع القطارات محليًا بنسبة إدماج محلي تزيد عن 40%. كما تهدف إلى تحديث 40 محطة سكك حديدية واقتناء 168 قطارًا جديدًا، ما يُبرز طموحه في التحول إلى قوة سككية إفريقية.
تقليص المدة الزمنية وتعزيز الاتصال الداخلي
بفضل هذا المشروع، سيتم تقليص الرحلات بشكل كبير، إذ ستستغرق الرحلة بين طنجة ومراكش ساعتين و40 دقيقة فقط، بدلاً من أكثر من 5 ساعات حاليًا. كما سيتم ربط الرباط بمطار محمد الخامس في مدة لا تتجاوز 35 دقيقة، ما يُعزز الاتصال الداخلي ويسهم في تسهيل التنقل بين مختلف مدن المملكة.

إن المشروع ليس مجرد تطوير للبنية التحتية، بل يُعد رهانًا سياديًا على المستقبل، حيث ستخلق الشراكات الدولية مع شركات مثل Alstom وCAF وHyundai آلاف فرص العمل، وستُسهم في نقل التكنولوجيا إلى الصناعة المحلية، ما يُعزز موقع المغرب كمنصة إفريقية للتكنولوجيا والتنمية.
من خلال تحرير الطاقة الاستيعابية للسكك التقليدية، سيساهم المشروع في تطوير قطارات الضواحي الحديثة داخل المدن الكبرى كطنجة، الرباط، الدار البيضاء، ومراكش. كما يعكس المشروع رؤية لتعميم التنمية لتشمل كافة جهات المملكة، رغم التحديات المالية والجغرافية الكبيرة.
هذا المشروع الطموح يُظهر التزام المغرب ببناء المستقبل بنظرة استراتيجية طويلة الأمد. ومع ذلك، يبقى التحدي في تحقيق تنمية شاملة تشمل كل الجهات الداخلية والمناطق المهمشة بنفس السرعة التي يسير بها القطار. المغرب لا يتحدث عن المستقبل… بل يبنيه بسرعة وبإصرار.