الجريدة العربية – الرباط
أصبحت القرصنة من خلال خدمات IPTV غير القانونية ظاهرة منتشرة في العالم ، خصوصًا للوصول إلى المحتوى الرياضي والترفيهي. وبينما تسعى السلطات وشركات البث إلى محاصرة هذه الظاهرة، يبرز حل بسيط يتداوله المستخدمون أنفسهم كسبيل فعّال لإنهائها: تخفيض أسعار الاشتراكات القانونية. غير أن هذا الطرح، رغم منطقيته، يبدو بعيد المنال في ظل تمسّك القنوات والمنصات الكبرى بنموذج اقتصادي يرتكز على استثمارات ضخمة في حقوق البث وإنتاج الأعمال الفنية.
السعر… محور المعركة
السبب الرئيسي الذي يدفع عددًا كبيرًا من المستخدمين للجوء إلى خدمات IPTV غير القانونية هو البعد الاقتصادي. فبدلًا من دفع مبالغ كبيرة والاشتراك في عدة منصات متفرقة للحصول على كل المحتوى المرغوب، يجد المستخدم نفسه أمام خيار “مغري”: باقة غير قانونية تضم كل شيء مقابل سعر رمزي.
وقد أكد العديد من المستخدمين، في شهادات سابقة، أنهم لا يقرصنون بدافع التحدي أو اللامبالاة بالقانون، بل لأنهم ببساطة لا يستطيعون تحمل التكلفة الشهرية العالية. أحدهم قال: “لو خفّضوا الأسعار، سأعود للمنصات الرسمية بدون تردد.” ويستشهد كثيرون بتجارب إيجابية، مثل عرض Disney+ لاشتراك شهري بـ2 يورو لمدة عام، أو العروض التي أطلقتها Canal+ لمشتركي Freebox Ultra.
مطاردة لا تنتهي
من جهة أخرى، تستمر الهيئات المعنية بمكافحة القرصنة في اتباع سياسات الحجب، وتصفية المواقع عبر DNS، والملاحقات القانونية. لكن هذه الجهود لا تحقق نتائج ملموسة، إذ ينجح القراصنة دائمًا في التحايل وابتكار طرق جديدة. ويشير خبراء الأمن السيبراني إلى أن التجارب السابقة، خاصة في قطاع ألعاب الفيديو، أظهرت أن الانخفاض الحقيقي في معدلات القرصنة تحقق عندما أصبحت الأسعار في المتناول، بفضل عروض مجانية أو تخفيضات دورية.
الحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد
يبقى السؤال: هل تستطيع الشركات الكبرى إعادة النظر في نموذجها الاقتصادي دون تعريض توازنها المالي للخطر؟ فشراء حقوق بث البطولات والمسلسلات يكلف مبالغ ضخمة، وأي خفض كبير في الأسعار قد يعني خسائر لا يمكن تحملها. ولهذا السبب، يفضّل معظم الفاعلين في القطاع مواصلة سياسة الردع بدل المراجعة الجذرية للمنظومة.
في المحصلة، يبدو أن القرصنة ستستمر طالما لم تُطرح حلول واقعية تراعي القدرة الشرائية للمستهلك، لأن المعركة، في جوهرها، ليست قانونية فحسب، بل اقتصادية بالأساس.