سياسة

الصحراء المغربية : إسبانيا تدق آخر مسمار في نعش مرتزقة البوليزاريو .

الدكتور يونس المشاوي .

بقلم الدكتور يونس المشاوي .

تحول تاريخي شهدته العلاقات الدبلوماسية بين إسبانيا و المملكة المغربية بعد الفتور الذي شابها و بلغ درجة الأزمة العام الماضي جراء استضافة مدريد تحت اسم مستعار و بهوية مزورة لزعيم الجبهة الانفصالية المدعو إبراهيم غالي .

ففي رسالة وجهها رئيس الحكومة الاسبانية السيد بيدرو سانشيز إلى العاهل المغربي محمد السادس ، أكدت مدريد على أنها ” تدرك تمام الإدراك مدى أهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب ” و في هذا الإطار فإن ” إسبانيا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية المقترحة من طرف المملكة المغربية سنة 2007 تعتبرها الأساس الأكثر جدية، واقعية و مصداقية لإيجاد حل لهذا النزاع “

الموقف الجديد لإسبانيا من الحكم الذاتي تضمن تفصيلا صغيرا، لكنه تفصيل جوهري و في غاية الأهمية، هذا التفصيل يجعل الموقف الاسباني اليوم أكثر تقدما و وضوحا من الموقفين الفرنسي و الألماني.

فالعبارات التي صيغ بها البلاغ الإسباني تضمنت حرفان تطلبا أسابيع طويلة من التفاوض، و جهدا دبلوماسيا مضنيا. إنهما حرفا “الألف” و”اللام” واللذان تشير معاجم لغة الضاد أنهما يلتقيان ليصيرا أداة تعريف : “ال…”.
في الموقف الإسباني الجديد لا نقرأ أن الحكم الذاتي “أساس” بل نقرأ أنه “الأساس”. أي أن أداة التعريف جاءت على سبيل الحصر الذي يحصر تعددية الخيارات وليس على سبيل التعريف فقط.
و لإزالة أي لبس أو تأويل لمن لم ينتبه لأدوات التعريف، و لكي لا تكون مجرد مصادفة لغوية، يسترسل الموقف الإسباني، من باب التأكيد على تلك “ال…” أن الحكم الذاتي هو ” الأكثر جدية، واقعية و مصداقية “

إن ما يجعل الموقف الاسباني الجديد ذا أهمية قصوى في هذا النزاع المفتعل هو وزن إسبانيا في هذا الملف بحكم معرفتها التاريخية بمختلف جوانبه لأنها قوة محتلة سابقة وهي ملاذ ثانٍ لكيان البوليزاريو بعد الجزائر. فضلا على أنها من المساهمين في صياغة قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وهي مرجع لعدد من الدول في صياغة موقفها.
فمن المرتقب أن هذا التحول في الموقف الاسباني، سيجلب معه زبناء جدد للمقترح المغربي.
إذن فلقد أُرْغِمتْ إسبانيا على إرضاء المغرب و ضمان الهدوء على حدود المدينتين السليبتين سبتة ومليلية ، حتى لو كان ذلك يعني مواجهة بعض جيوب المقاومة الداخلية المهووسة بعدائها لكل ما هو مغربي كحزب بوديموس، و حتى لو كان ذلك يعني توتر العلاقات مع أول مورد للغاز لإسبانيا و هي الجزائر في ظل أكبر أزمة طاقة تعرفها أوروبا بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
كلنا نتذكر عندما خرجت وزيرة الخارجية المعزولة قبل سنة ونيف بتصريح انتابته نبرة متعالية واثقة، أن إسبانيا لن تغير موقفها الثابت من نزاع الصحراء مهما كانت الظروف.

عودة إلى الجزائر التي تزعم أنها ليست طرفا في النزاع ، فحكام قصر المرادية تفاجؤوا من هذا التحول في موقف إسبانيا لذلك قاموا باستدعاء السفير الجزائري في مدريد للتشاور .
القرار لم يكن مفاجئا إلا للجزائر ، لأن كل شيء كان يطبخ بنار هادئة و لا مجال للمفاجئات في مجال الدبلوماسية .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....