سياسة

الرئيس الجزائري يصبو نحو “إصلاح عاجل” لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة !!!

الجريدة العربية – محمد ولد بواه

بينما تستعد للجلوس لمدة عامين كثالث دولة إفريقية غير دائمة العضوية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى جانب موزمبيق وسيراليون، تقف الجزائر فجأة، من خلال صوت رئيسها عبد المجيد تبون، نصيرة للإصلاح العاجل لمجلس الأمن . ومن الواضح أن النظام الجزائري، الذي لا يفكر إلا في قضيته الأولى ، وهي الدفاع عن إنفصاليي البوليزاريو ، يعتقد أنه قادر على إحداث تغيير في مجلس الأمن بشأن قضية الصحراء التي كانت وما زالت و ستبقى مغربية .

استضافت غينيا الاستوائية يوم الجمعة 24 نوفمبر قمة مغلقة، وهي قمة “مجموعة العشرة” التابعة للاتحاد الأفريقي ، المسؤولة عن إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمكانة التي ينبغي أن تشغلها أفريقيا .

وبحسب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي تلا خطابه أمام القمة وزير خارجيته أحمد عطاف، “اليوم، و أكثر من أي وقت مضى، يجب التعامل مع إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأقصى درجات العناية … “. و باتهامه مجلس الأمن الدولي بـ «الجمود» و «العجز» و «الشلل التام» و «الانتقائية والتمييز» في مواجهة الأزمات التي تعبر العالم (الإرهاب، والحروب، وما إلى ذلك)، يعتقد تبون، (الذي يتحمل المجلس العسكري لبلاده نصيبا كبيرا من المسؤولية في هذه الأزمات) ، أن ذلك يبرر السبب في أن مسألة إصلاح مجلس الأمن التي «تظهر على السطح» وتصبح الآن «ملحة»، حسب تصريحاته .

في الواقع، ومع فشله في رفض هذا العام لقرار مجلس الأمن الأخير رقم 2703 بشأن الصحراء، في حين كان رد فعله حقدا وإحباطا عبر بيانات صحفية رسمية في 2021 و2022، فإن النظام الجزائري يريد إحداث الثورة بشكل مباشر داخل الهيئة التي اعتمدتها. وهي النصوص التي تدعو إلى حل واقعي، قائم على التسوية، ومنسجم مع مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب سنة 2007، بهدف وضع حد لهذا الصراع الوهمي. ومع ذلك، فإن هذه ‘المناورات’ التي لا تعد ولا تحصى لا تؤدي إلا إلى تعزيز دور الممثل الكوميدي العظيم للرئيس الجزائري، الذي تطغى جولاته العلنية على الممثلين المحترفين .

ولكن أثناء انتخابها في السادس من يونيو كعضو جديد غير دائم في مجلس الأمن، نجحت الجزائر في تحويل إجراء شكلي بسيط إلى نصر عظيم. بل إن الرئاسة الجزائرية نشرت مباشرة، بعد هذا التصويت، بيانا رسميا رحبت فيه بهذا “النجاح الدبلوماسي الذي يؤكد عودة الجزائر الجديدة إلى الساحة الدولية”، مضيفة أن “هذه الانتخابات ينبغي أن تدخل في رصيدها إلى خزانة إنجازات الجزائر”. إن السياسة الخارجية لبلادنا، تعكس التقدير و الاحترام الذي يحظى به رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، من المجتمع الدولي، وتعكس اعترافها بمساهمته في السلام والأمن الدوليين.

فكيف يمكن تفسير هذا التحول المفاجئ للرئيس الجزائري تجاه المجتمع الدولي ومؤسساته العالمية؟ كلما اقترب الموعد النهائي لدخول الجزائر إلى مجلس الأمن، وهي تعلم مسبقا أن تصويتاتها السلبية المقبلة ضد قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالصحراء ستكون نقمة وكآبة، كلما حاول تبون التظاهر بأنه خرج من مجلس الأمن. وهو مهووس بالعظمة، بهدف انتزاع أحد مقاعد الأعضاء الدائمين التي تطالب بها القارة الأفريقية داخل مجلس الأمن بسرعة. وهذا مع نسيان أنه حتى لو تم تخصيص هذه المقاعد الدائمة لبلدين إفريقيين، فإن الجزائر لن تكون جزءاً منهما.

وصحيح أن الاتحاد الأفريقي، بموجب ‘توافق زولويني’ (جنوب أفريقيا) في مارس 2005، الذي خوله التعبير عن وجهة النظر التوافقية لدوله الأعضاء بشأن إصلاح مجلس الأمن، يتقدم بطلب للحصول على موافقة مجلس الأمن. مقعدان دائمان يتمتعان بحق النقض والامتيازات الأخرى المصاحبة له، بالإضافة إلى 5 مقاعد للأعضاء غير الدائمين، بدلاً من 3 مقاعد حالياً.

لكن المناقشة بشأن توسيع مجلس الأمن، والتي افتتحتها الأمم المتحدة في عام 2003، وصلت إلى طريق مسدود داخل الاتحاد الأفريقي، حيث تعارض رؤيتان متناقضتان . فمن ناحية، هناك أنصار سيادة الدولة الذين يدعون إلى أن تكون الدولتان الأفريقيتان اللتان سيتعين عليهما الجلوس كعضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هما الناطقين الرسميين باسم بلادهم وحدهم . وهذا الرأي هو رأي بعض القوى الإقليمية مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا ومصر. ومن ناحية أخرى، يطالب أنصار الوحدة الأفريقية، في الأغلبية، بأن يتحدث هذان العضوان الدائمان ويصوتان نيابة عن القارة بأكملها، وأن يمثلا بإخلاص الإجماع داخل الاتحاد الأفريقي. وتقوم مجموعة أخرى تسمى ‘مجموعة الأربعة’ (ألمانيا واليابان والبرازيل والهند) بحملة لزيادة عدد أعضاء مجلس الأمن إلى 25 عضواً، من خلال إنشاء 6 مقاعد دائمة جديدة (بما في ذلك مقعدان لإفريقيا) وأربعة مقاعد غير دائمة.

وحتى لو تم تعديل ميثاق الأمم المتحدة في عام 1963 للسماح بالتوسيع الأول لمجلس الأمن، والذي انتقل من 11 عضوًا (5 أعضاء دائمين و6 غير دائمين) إلى 15 عضوًا، مع إضافة 4 أعضاء غير دائمين، ستظل هي النزعة المحافظة الحالية . إذ يعرقل أعضاء مجلس الأمن الدائمين أي توسيع آخر، حيث تعارض الولايات المتحدة بشدة أي توسيع للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وذلك دون الأخذ بعين الاعتبار الجزائري تبون الذي يطالب بالإصلاح “فورا”. و علينا القول : “إن لم يكن الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن يرتجفون من الخوف من قرار تبون ، فلا بد أنهم يضحكون” .

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....