
التوقيت الصيفي : جدل متجدد بين الفوائد الاقتصادية والتأثيرات الصحية
الجريدة العربية
كما هو الحال كل عام خلال شهر رمضان، يعود المغرب مؤقتًا إلى التوقيت القانوني (GMT)، متخليًا عن التوقيت الصيفي (GMT+1). وعلى الرغم من أن هذا التغيير يوفر بعض الراحة للسكان، إلا أنه يُعيد إشعال الجدل حول ضرورة الإبقاء على التوقيت الصيفي طيلة العام أو العودة بشكل دائم إلى التوقيت الطبيعي للبلاد. يطالب عدد متزايد من المغاربة بالعودة إلى التوقيت الرسمي (GMT)، حيث يُعتبر أكثر توافقًا مع الإيقاع البيولوجي للإنسان ودورة الليل والنهار الطبيعية.
تأثيرات التوقيت الصيفي على الصحة والاقتصاد
تم اعتماد المرسوم رقم 2.18.855 في 2018، والذي جعل التوقيت الصيفي (GMT+1) ثابتًا طوال العام، بهدف تحقيق وفورات في الطاقة وتعزيز الاندماج الاقتصادي مع الدول الأوروبية. ومع ذلك، قوبل هذا القرار بانتقادات واسعة بسبب تأثيراته السلبية على الصحة وجودة الحياة. فقد أظهرت الدراسات أن هذا الفرق الزمني يؤدي إلى اضطرابات النوم، إرهاق مزمن، وانخفاض الإنتاجية، وهي مشاكل يعاني منها الكثير من المواطنين، خاصة من يبدؤون يومهم في الظلام.
عودة المغرب إلى توقيت غرينتش (GMT) خلال رمضان، ولو بشكل مؤقت، تُعتبر فترة راحة للكثيرين، إذ يشعرون بتحسن في إيقاعهم البيولوجي ونشاطهم اليومي، خصوصًا الأطفال الذين يجدون سهولة أكبر في الاستيقاظ والذهاب إلى المدرسة في الصباح.
هل يتسبب التوقيت الصيفي في إضعاف الاقتصاد المغربي؟
لا يقتصر الجدل حول التوقيت الصيفي على الجوانب الصحية فقط، بل يمتد ليشمل الجانب الاقتصادي أيضًا. يشير بعض الخبراء إلى أن التوقيت الصيفي يُربك الأنشطة التجارية والاستهلاك، مما ينعكس على الاقتصاد المغربي. فعلى الرغم من مزايا المواءمة مع التوقيت الأوروبي، إلا أن ذلك لم يثبت فعاليته في تحسين الأداء الاقتصادي، بل يرى البعض أنه يؤدي إلى اضطراب في سوق العمل والعادات التجارية للمغاربة.
هل سيعود المغرب نهائيًا إلى التوقيت القانوني؟
رغم الاحتجاجات الشعبية المتزايدة ضد التوقيت الصيفي، لا تزال الحكومة المغربية تدافع عن هذا القرار، مستندة إلى عاملين رئيسيين:
- التكامل الاقتصادي مع أوروبا: حيث يساعد التوقيت الصيفي في تسهيل التبادلات التجارية مع الشركاء الأوروبيين، خاصة فرنسا وإسبانيا.
- توفير الطاقة: إذ ترى السلطات أن التوقيت الصيفي يسمح بتمديد ساعات النهار، مما يقلل من استهلاك الكهرباء مساءً. ومع ذلك، يُشكك بعض الخبراء في فعالية هذا الإجراء، ويعتبرون أن الفوائد الاقتصادية محدودة مقارنة بالآثار السلبية على المواطنين.
مستقبل التوقيت في المغرب: جدل مستمر
لا يزال موضوع التوقيت الصيفي في المغرب يثير نقاشات سياسية ومجتمعية. فقد تم تقديم التماسات شعبية ومشاريع قوانين لإلغاء التوقيت الصيفي، لكن حتى الآن، لم يتم اعتماد أي تغيير رسمي. وعلى الرغم من ذلك، يبقى المغاربة يأملون في عودة دائمة إلى التوقيت الطبيعي، بما يتماشى مع نمط حياتهم والظروف البيئية. وفي انتظار أي قرار رسمي، يستغل المواطنون هذه الفترة المؤقتة خلال رمضان للاستمتاع بإيقاع يومي أكثر راحة وانسجامًا مع الطبيعة.