مجتمع

الإجرام في الشارع المغربي… عندما تتحول السكاكين إلى قانون بديل

الجريدة العربية – ذ. عبد الله مشنون *

 

في مشهد متكرر يزداد قسوة، تخرج السكاكين من المطابخ إلى الشوارع، ليس في أعمال دفاع مشروع، بل في مشاهد اعتداءات خطيرة تستهدف مواطنين أبرياء. المقلق أن هذه الجرائم لم تعد أحداثًا استثنائية، بل صارت ظاهرة تفرض نفسها بقوة في الشارع المغربي، وتطرح أسئلة جدية حول دور الدولة، وصرامة القانون، وموقع الضحية في معادلة العدالة.

ما يحدث اليوم في عدد من المدن المغربية، من عمليات اعتداء بالسلاح الأبيض، وتهديد لحياة المواطنين في وضح النهار، يعكس تحوّلاً خطيرًا في مستوى الجريمة، التي لم تعد تقتصر على السطو والسرقة، بل أصبحت تنتج عاهات مستديمة، وتشوهات جسدية ونفسية ترافق الضحايا مدى الحياة.

لكن الأخطر من الجريمة نفسها، هو ذلك الإحساس بأن العقاب لا يرتقي إلى مستوى الفعل الإجرامي. أحكام مخففة، وعودة سريعة للجناة إلى الشارع، تعيد تدوير العنف بدل كسره. هذا الوضع يزرع الإحباط والخوف في نفوس المواطنين، ويُضعف الثقة في مؤسسات العدالة، ويبعث برسالة مفادها أن حياة الناس ليست أولوية ملحة.

نحن اليوم أمام واقع لا يقبل أنصاف الحلول. لا يمكن أن نبني وطنًا آمنًا في ظل منظومة قانونية تتعامل برأفة مع من ينزع الرحمة عن أفعاله. السكين ليست وجهة نظر، ولا خلفية اجتماعية، بل جريمة يجب أن تواجه بأقصى درجات الحزم، حفاظًا على ما تبقى من هيبة القانون.

نحن لا نطالب بتغليظ العقوبات بدافع الانتقام، بل من منطلق حماية المجتمع، وإعادة الاعتبار لكرامة المواطن المغربي. نطالب بقانون زجري واضح، بلا استثناءات ولا أعذار مخففة، يُحصّن الشارع من العنف، ويوقف هذا النزيف المجتمعي الخطير.

اليوم، لا نملك ترف الانتظار. كل تأخير هو فرصة جديدة للمجرم، وضحية جديدة قد لا تنجو.
نحن في حاجة إلى إصلاح قضائي شجاع، لا يخشى المراجعة، ويضع الأمن العام فوق كل اعتبار.

هذا وطن، لا حلبة لتجريب السكاكين.
فإما أن نختار دولة تحمي أبناءها، أو نترك الشارع للقانون الموازي الذي يصنعه السلاح الابيض والعفو السهل.

__________________________________________

*  ذ.عبد الله مشنون كاتب صحفي مقيم بايطاليا ومدير النشر بالمنصة الإعلامية إيطاليا تلغراف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى