لقد مر ما يناهز عن ثمانية و عشرين سنة عن تقرير قمة بودابست لإعادة انتشار الأسلحة نووية ” للضمانات الأمنية ” في 5 من ديسمبر 1994 . و الذي تم إعداده للجريدة الفرنسية لوموند من قبل ” إيف ميشيل ريولز ” في ذلك الوقت من العاصمة المجرية . حنيها كتبت الجريدة الواسعة الانتشار عن معاهدة دولية بين أوكرانيا و روسيا و الولايات المتحدة و المملكة المتحدة . و تتعلق المعاهدة بنزع السلاح النووي الأوكراني و الضمانات الأمنية لاستقلال أوكرانيا .
التاريخ يشهد على صراع الأوروبيين حول توازن القوى .
في فترة التسعينيات وجه الرئيس الأمريكي السابق ” بيل كلينتون ” نداء قويا من أجل توسيع حلف الناتو بالمنطقة الشرقية من القارة الأوروبية . فقد وعد العالم و هو يخاطب في العاصمة المجرية بودابيست : ” لن تستبعد أي دولة تلقائيا من الناتو , و لن نسمح لأي دولة خارجية باستخدام حق النقض ( الفيتو ) ضد هذا التوسع الأمني “ . حينها رد عليه الرئيس الروسي ” بوريس يلتسين ” بلغة جافة كأنه تثير بتهديد ( السلام البارد ) الذي قد يخلف حربا ذات نفس دلالة الاسم ( الحرب الباردة ) . فليس من المعقول دفن الديموقراطية في روسيا من قبل الغرب .
بحذر كبير الأوروبيون يرغبون في تجنب الحرب و العودة إلى تقسيم القارة العجوز إلى كتل . حينها ” ظن الرئيس الفرنسي السابق ” فرنسوا ميتران ” أن تمديد حلف الناتو في حدود المنطقة الشرقية لأوروبا , سيجعل روسيا تشعر بأنها محاصرة . بالرغم من أن رئيس المفوضية الأوروبية حينئذ ” جاك ديلور ” كان يريد استبعاد فكرة ” الجدار ” . لكن قوة روسيا النووية جعلت من رئيس الوزراء الروسي ” جون ميجور ” يؤيد الخط القائل : ” لا فيتو روسي و لا مفاجأة من الغرب “
إعادة انتشار الأسلحة النووية : تهديد جديد لمعاهدة بودابيست لعام 1994 .
يمكننا أن نرى كيف كانت في السابق المخاوف الأوروبية تجاه الخطر النووي و التقسيم الذي قد يطال القارة العجوز . فدفن الديمقراطية في روسيا في تلك الحقبة جعل العالم الغربي ينتفض بغرابة ، فتم تقييم كلام الرئيس الروسي أنذاك ” بوريس يلتسين ” بأنه أمر خاطئ .
على الرغم من هذه التنافرات و الاصطدامات بين الكتلتين ، فقد تم التوقيع على وثيقة ” مذكرة بودابست ” المهمة في ذلك اليوم بهنغاريا . و بموجب شروطها ” وافقت أوكرانيا و بيلاروسيا و كازاخستان ، الجمهوريات الشابة التي هربت من الاتحاد السوفيتي ، على نقل الأسلحة النووية السوفيتية المخزنة على أراضيها إلى دولة روسيا المنحلة في ذاك العهد , والتوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ” .
كان كابوس واشنطن عندما انهار الاتحاد السوفيتي قد بدا واضحا في مواجهة أربع قوى نووية ، يحتمل أن تكون غير مستقرة ، بدلاً من واحدة . لذلك قامت إدارة بوش بلوي ذراع زعماء الدول الثلاث الجديدة لحملهم على التخلي عن ترسانتهم النووية ، مقابل مساعدات اقتصادية ، وقبل كل شيء ” ضمانات ” باحترام وحدة أراضيهم .
العالم الغربي الأوروبي يعلم جيدا قيمة تلك الضمانات التي قدمت سالفا ، فقد قام الرئيس الروسي الحالي ” فلاديمير بوتين ” خليفة ” بوريس يلتسين ” ، بضم شبه جزيرة القرم ذات الانتماء للأراضي الأوكرانية . مما يجعل مذكرة بودابست اليوم تحت طائلة التهديد بالانتهاك مرة أخرى . هذه المرة من قبل بيلاروسيا . و هنا نقول بأنه يمكن لأزمة واحدة أن تخفي أخرى . فخلف الأزمة الروسية الأوكرانية تلوح في الأفق بؤرة توتر أخرى ، من المحتمل أن تزعزع استقرار النظام الأمني الأوروبي بأكمله , و هي إمكانية إعادة انتشار الأسلحة النووية في بيلاروسيا .
الرئيس البيلاروسي : نحن مستعدون لنشر أسلحة نووية لمواجهة القوى الغربية .
قال الرئيس البيلاروسي ” ألكسندر لوكاشنكو ” يوم الخميس كون ” بلاده مستعدة لاستقبال و نشر ” الأسلحة النووية ” في حال وجود خطر داهم من قبل الغرب في ظل اتصاعد التوتر حول أوكرانيا “ .
و نقلت وسائل الإعلام البيلاروسية عن الرئيس البيلاروسي عزمه نشر أسلحة نووية فائقة للدفاع عن بلاده التي تعتبر حليفا لروسيا , إذا ما اتضح أن أروبا ستتخذ تدابير غبية . حيث قال أن ” بلاروسيا لن تستعمل الأسلحة النووية التي عمرها أزيد من مئة سنة في حالة إذا لم تكن هناك تهديدات من دول غير صديقة لبيلاروسيا ” .