ثقافة و فن

إدريس زياد : في حضرة الأب .

بقلم الأستاذ إدريس زياد

بالأمس كان يخطر في بالك شيء فتتصل به وقت عمله، يرد ويتقبلك بصدر رحب وقلب حنون، كيفما كان طلبك، وأنت لا تعلم التكاليف والمصاريف التي تثقل كاهله، وتطلبه بكل هدوء وغير مبال، “بابا جيب معاك كذا وكذا” ويرد بكلمة طيبة ممزوجة بضحكة جميلة تعني القبول…

واليوم بعدما كبرت واشتد عودك، إياك أن تنسى ذوقه الذي كنت تحبه في كل شيء، إياك أن تحسبه الآن صاحب ذوق قديم، إياك أن تحتقر ملابسه وأغراضه، وهيبته التي كنت تتباهى بها أمام أصحابك، إياك أن يحس بأن كلامه لا يلائمك، إياك أن يشعر بأن حركاته تشعرك بالاشمئزاز أو يصيبك الإحراج أمام أصحابك…

تأخرك خارج البيت يقلقه، ويتصل بك فتشعر بأنه يضايقك، وقد لا ترد عليه إذا كرر الاتصال ، تعود للبيت متأخراً فيوبخك ليشعرك بالمسؤولية فتغضب، ويستمر في مشوار تربيتك لأنه راع وكل راع مسؤول عن رعيته، ترفع صوتك عليه وتضايقه بكلامك وردودك فيسكت ليس خوفاً منك بل من حبه وتسامحه معك…

هل نسيت أنه مهما ضايقك فهو والدك؟
كما تحملك في طفولتك وسفهك وجهلك
فتحمّله في مرضه و شيخوخته، أحسن إليه، فغيرك يتمنى رؤيته من جديد، هو من انتظرك تسعة أشهر واستقبلك بفرحته، ورباك على حسابه وحساب صحته، فسهر الليالي يفكر ويدبر حتى أصبحت رجلاً، هو الذي يجب أن يبقى أعظم حـب بقلبك للأبد…

اللهم من وافته المنية من آباءنا فاغفر له وأمطره برحمة منك وأسكنه فسيح جناتك، وكل حي أطل في عمره وفرج همه وارزقه من حيث لا يحتسب.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....