تونس : البنك الدولي مستعد بشكل فوري لتلبية تطلعات الشعب .
الجريدة العربية
تونس – ورد مؤخرا في تقرير صادر عن البنك الدولي , أن التشخيص المنهجي لبلد مثل لتونس يكمن في “إعادة الانتقال إلى المسار الصحيح الذي أصبح الآن أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى . فإذا أرادت تونس الحفاظ على إنجازاتها الديمقراطية الهشة و تطلعات شعبها” , عليها “إعادة بناء الثقة و تحقيق التطلعات من أجل تونس أكثر ازدهارًا وشمولية” .
سيتطلب “تغيير الديناميات لإنشاء دورة النجاح ” مكسبا للجميع و سيكون أكثر فاعلية ، على المدى القصير ، بذل جهد كبير لبناء توافق في الآراء حول تطوير و تنفيذ الإصلاحات و الجهود المبذولة لتحقيق مكاسب ملموسة صغيرة للمساعدة في إعادة بناء الثقة و إرساء الأسس نحو الانتقال الصحيح .
و يقدم تقرير البنك الدولي ، لأحد البنوك الرائدة في تونس ، نظرة على مدى عقد من الزمان للاتجاهات في تونس منذ عام 2011 و يقارن مع دول أخرى مماثلة مما يشير إلى مسارات مستقبلية محتملة . و تحدد الدراسة أربعة مسارات لبناء الأسس وتلبية تطلعات المواطنين في تونس . وجاء في التقرير أن “الهدف من هذه المسارات هو تسخير قوة إرادة المواطنين و بناء مؤسسات أكثر شمولية” . وضمن جدول الأعمال هذا ، يعطي البنك الدولي الأولوية لمسارين إضافيين مهمين لتلبية تطلعات المواطنين : تحويل الاقتصاد نحو النمو المدفوع بالإنتاجية , و زيادة الشمول .
كما يشدد البنك الدولي على أنه “على الرغم من أن تونس قد حققت مكاسب من حيث الانفتاح والشفافية منذ عام 2011 ، إلا أن العديد من جوانب الحل السياسي لما بعد الثورة لا تزال تمثل تحديات التنمية البلد , و أن معالجة هذه القضايا الأساسية ستستغرق وقتًا” . و يشير تراجع الإنتاجية و نمو الاقتصاد التونسي إلى خسارة في الإمكانات الاقتصادية ناجمة عن سنوات من قلة الاستثمار في رأس المال الإنتاجي والابتكار ، و محدودية الانفتاح و المنافسة في الأسواق و تراجع القدرات التجارية . و يقول التقرير إنه لعكس هذه النتائج وتحسين الإنتاجية ، تحتاج تونس إلى إصلاحات هيكلية عميقة من شأنها إزالة الحواجز العميقة و المنتشرة أمام المنافسة ، و تحديث القطاع المالي ، وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر و تمويل المناخ ، و تعزيز الابتكار .
علاوة على ذلك ، سيكون من الضروري إعادة بناء القدرات التجارية لتونس من خلال خدمات تجارية أكثر حداثة وكفاءة ، بالإضافة إلى تجارة أعمق و تسلسل نحو تكامل عالمي القيمة .
و يوضح التقرير ، أن تعزيز الإدماج مهم أيضًا لاستقرار المرحلة الانتقالية التونسية . لأنه يتطلب وصولاً أكثر توحيدًا للفرص الاقتصادية و مستويات معيشية أفضل للمواطنين . و هذا يعني تحسين نتائج / مهارات التعلم ، لا سيما في المناطق الريفية والداخلية ، لتوسيع نطاق الوصول إلى فوائد النمو في المستقبل . و بالمثل ، يمكن لتدابير دعم مشاركة المرأة ضمن القوى العاملة أن تحد من استبعاد التنوع الاجتماعي وتقدم مساهمات إضافية في الإنتاجية والنمو . وفي مقام أخر تعد معالجة التناقضات في تقديم الخدمات أمرًا مهمًا أيضًا لتحسين مستويات المعيشة و يمكن أن تؤدي إلى نتائج أفضل من حيث الرفاهية و المزيد من الفرص و التماسك الاجتماعي الأكبر .
و يذكر التقرير أن الأداء الاقتصادي لتونس قد تباطأ على مدى العقد الماضي ، مما أدى إلى عقد ضائع في النمو. انخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.7% في المتوسط بين عامي 2011 و 2018 ، مقارنة بـ 3.5% بين عامي 2000 و 2011 ، مع ضعف الأداء في جميع قطاعات الاقتصاد ، مثل قطاع الزراعة .
و ظل الأداء الاقتصادي راكدًا ، بسبب الانخفاض الكبير في نمو الإنتاجية و من النمو المنخفض في حقبة ما قبل الثورة . حيث كان الاستثمار المنخفض ، والابتكار المحدود ، والتوجه التجاري المنخفض ، والتنظيم المفرط للنشاط الاقتصادي من العوامل الرئيسية المساهمة في هذا الانكماش . على وجه الخصوص ، حينما انخفضت الاستثمارات الخاصة كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي من متوسط 17.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2000-2010 إلى 14.9% في 2011-2019 . كما انخفضت حصة الشركات التونسية التي قدمت منتجًا أو خدمة جديدة إلى النصف من 28% في عام 2013 إلى 14% في عام 2019 . و تأثرت بشكل خاص الصناعات التونسية “التقليدية” (خاصة المواد الغذائية والمنسوجات) ، بينما شهدت بعض الصناعات “الجديدة” إنتاجية نمو جيدة نسبيا .