أعمدة الرأي

الفايسبوك منصة تعبير و متنفس لمشاعر الناس .

الأستاذ إدريس زياد .

بقلم الأستاذ إدريس زياد

الفايسبوك هو سوق للأقوال، إذ نجد فيه كل أنواعها وأشكالها وألوانها ومستوياتها، من القمة إلى القاع، والقاع أكثر انتشاراً من القمة، فيه الغث والسمين، فيه الفائدة والتفاهة، وكل يختار حسب ذوقه وما يستهويه، الفايسبوك متنفس كبير لمشاعر الناس، وهو للحليم متعة، وللجاهل جولة، ترى الحليم قلّ ما يكتب عما يشعر وتراه ينصب الفخ بفنّ، والجاهل يتتبع تعلق الآخرين بكتاباته وكلما أذهلوه بإعجابهم يزداد في الوحل غوصاً، وفي النهاية لا أجمل من المعلومات القيمة التي نحصل عليها، لكن قلّ من يكسبها…

الفايسبوك منصة تعبير مفتوح عن همومنا وأشواقنا ورؤانا التي تبحث عن الطريق الصواب، وهو مختبر لقياس التحدي في نمط أفكارنا، وإدارة النقاش مع الذكي الغليظ، والنبيه الجاسي، و المتحامق الفهيم، والمستخفي البصير، والكزّ البليد، وهو ساحة اختبار للصبر على الآراء المتنازعة، والألسنة السالقة، واختبار القدرة على الارتقاء معها درجاتٍ للوصول إلى نقاط الاشتراك التي نقف عليها، هذا الفايسبوك مُحيّر، فيه كل شيء، من الحلو إلى المالح والحامض فالمُرّ ثم الحنظل، وفيه المفكر الرصين والعاقل المتعقل المكين، والساحر والساخر، واللاعب بالأوراق، والتافه والخزعبلات والقمامة ونشر الغسيل الوسخ، وفيه الطازج والبائت، والحار والبارد، والسمين والغث، والغالي والرخيص، وفيه المتخفي والمتجسس والصعلوك ومنتحل الصفات والمتحول جنسياً، وفيه أيضاً الشعراء الذين يتبعهم الغاوون والذين هم في كل واد يهيمون، و للقارئ كامل الحرية في الإختيار…

الفايسبوك منبر نصيحة لا يمل من تكرار الإرشاد، وجلسات مفاكهة ومستملحات وطرائف وحكايات، ومحل دراسة ومناقشة قضايا تحيط بنا وتؤثر فينا وتعبُر في ثنايا مجتمعاتنا، وهو محطة تواصل مع عقليات وفعاليات، تنتقدنا، وتهذبنا، وتفيدنا، وتصحح أخطاءنا، وتصوّب مسارنا، وتضيء جوانبنا المظلمة، وملتقى المنافع حيث كثيراً ما نرى حاجاتنا عند أصدقاء هنا، ويرون حاجتهم لدينا، فنتبادل المنافع ونتشارك الأرزاق، وهو عنوان سريع مباشر لا يحتاج إلى حاجب يمنع عنك التواصل، أو يؤخر الوصول…

إقرأ لنفس الكاتب : بداية عجز ” الهيلمان الأمريكي ” و تقهقره و تآكل هيبته .

لا ننكر أن بعض الذين يكتبون غايتهم النقد والتسخيف، فضلاً عن بعضهم ينتقد حسداً وحقداً، لا يحب أن يرى نجاحات الآخرين وهو فاشل يحب فقط أن يرى الفشل عن الجميع لأن نجاحات الآخرين تشكل له ضغطاً نفسياً، لكن من يتابع بعض الكتاب والأدباء يلحظ أن منشوراتهم ومقالاتهم هي نتاج إنجازاتهم وجهدهم وسعيهم، فكل كلمة تصدر عنهم هي عصارة جهد وتعب وخبرات على مر سنوات وليست وليدة فراغ أو تسلية، فغالبنا يستشعر من كتاباتهم الإنصاف والموضوعية وعرض الصورة بواقعيتها، فضلاً عن صناعة الوعي عند القارئ وتوسيع آفاق الفهم مع إرشاده إلى كيفية قراءة الحدث والخروج من ظاهرة التعصب في الرأي…

ولا ننسى أن الكتابة على هذا الفضاء الأزرق تظهر بسرعة البرق بين العيون المفتوحة، فتكون قريبة من الناس، فلا يجب على الكُتّاب والأدباء الانسحاب من هذه الساحة بل واجبهم ودورهم ومسؤوليتهم البقاء والكتابة، فالكثير من الناس توقفت عن قراءة الكتب وأصبحت متعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي، فلا تحرموهم من هذه النافذة وتتركوها، فعلى كل صاحب قلم رشيق، حتى ولو لم يبلغ من الرشاقة والأناقة مستوى عالياً، أن يخصص جزءاً من وقته للكتابة عبر هذا الفضاء، فمن أجل الخدمات لأبناء هذا الوطن أن نرقى بمستوى الذوق لديهم، رغم أن هناك قطاعاً عريضاً يرفض الاعتراف بدور هذه الوسائط ويرفض العمل عبرها، وهناك من يرى في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي مضيعة للوقت.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

أيها القارئ العزيز أنت تستعمل إضافة لن تمكنك من قراءة الجريدة العربية . المرجو تعطيل الإضافة , شكرا لك .....