
الجزائر في عصر التكنولوجيا : كيس الحليب بالدفع الإلكتروني!
الجريدة العربية – ذ. بوحافة العرابي (بتصرف)*
اكتشف العالم أخيرًا “الهومو-ألجيريكوس” أو “الإنسان الجزائري الخارق” ، ذلك الكائن الذي أذهل البشرية بابتكار سيغير مجرى التاريخ ، حينما قرر إدماج عملية شراء كيس حليب، بدون نقود ! نعم إنه الواقع الذي يعكس الخيال يا سادة. قد يبدو الأمر للمرة الأولى معقدًا للبعض، لكنه حقيقي ، فأنت في الجزائر القارة ، شواكر إفريقيا كما تسمى في كتب من لا كتب لهم.
الآن، وبالظبط في العام 2025 ، أصبح بإمكان المواطن الجزائري العظيم ، دخول المتجر بلا نقود، يختار كيس الحليب الذي يريد ، وهنا يجب أن لا يقلق هذا الزبون المبجل ، فالعرض وأشكال أكياس الحليب لا تختلف فالماركة واحدة و لا مجال للعين أو القلب أن يحتاروا . وللدفع ، فعوض أن يخرج الزبون من جيبه الأوراق النقدية، يخرج بطاقة بلاستيكية، يمررها عبر جهاز الوايرلس، وبسحر التكنولوجيا التي لا تملكها إلا الدولة القارة : “تم الدفع! مشهد أسطوري وثّقته الكاميرات وسط ذهول الجزائريين، قبل أن يعلن مسؤول، و الذي لا ندري إن كان والياً أم نائباً، أن العملية تكللت بالنجاح.
صحيح أن الإنترنت تعطل قليلاً، لكن في النهاية، المهمة أنجزت. إنه انتصار تكنولوجي يبعث الفخر في نفوس الشعب، بل وربما أرواح الشهداء الذين يمكنهم أخيرًا الاطمئنان ، لأن أحفادهم غزوا المستقبل!
بالطبع، الجزائر، التي تتصدر إفريقيا في كل شيء (حتى في الطوابير)، ستكون نموذجًا لبقية الدول الإفريقية التي لا تزال غارقة في “التخلف”، باستخدام أنظمة “بدائية” مثل الدفع عبر الهاتف المحمول. تخيلوا، في نيجيريا والمغرب وبقية القارة، لا يحتاج الناس حتى إلى بطاقات، بل يدفعون بلمسة على هواتفهم! يا للعار إنها دول تعيش في العصر الجيري مقارنة بما وصلت له الشقيقة الجزائر.
بعيدا عن السخرية ، ففي العام 2021 وحده، سجلت إفريقيا 36.7 مليار معاملة عبر الهاتف، بقيمة 701.4 مليار دولار، أي أكثر من 30% من إجمالي المدفوعات الرقمية العالمية.
لذلك، فالحديث عن الدفع الإلكتروني بالبطاقة في الجزائر يشبه الحديث عن أول دراجة هوائية لطفل لم يرى في حياته قط أي لعبة ، أمام سائق فورمولا 1، فلا مجال للمقارنة!
لكن يبقى السؤال: كيف يمكن لإنسان العصر الحديث، أو “الهومو-ألجيريكوس” أو الإنسان الجزائري الحديث ، أن يكون مذهولًا إلى هذا الحد من مجرد بطاقة مصرفية؟
الإجابة بسيطة: البلد لا يزال في طور الاستكشاف التكنولوجي، والنظام يصر على إقناع العالم بأنه يحقق “إنجازات استثنائية”. لقد رأينا ذلك مع “أول سيارة كهربائية”، و”أول طائرة مسيّرة 100% جزائرية”، والآن، مع “المعجزة المصرفية” التي أحدثت ضجة بحجم اختراع الكهرباء!
الأكثر طرافة، يا سادة أنه ولكي تدخل الجزائر كزائر، فأنت تحتاج إلى “فيزا”، لكن بطاقة “Visa” نفسها لا قيمة لها هناك!
المهمة أُنجزت، أيها الجنرال العظيم، و سنعود إلى القاعدة وقد أبهرنا العالم الذي يقلدنا في كل شيء ، خاصة شعب المراركة الذي ينسب إلى نفسه كل ماهو جزائري !
لكن لا تنسَى، أيها الجزائري العظيم ، قبل أن تدفع ثمن كيس الحليب بالبطاقة، عليك أولًا أن تنتظر دورك في الطابور الطويل جدااااااااااا ………