الأنثروبولوجي عمر بوم يعيد كتابة تاريخ منطقة طاطا من خلال مسيرة “الرقاص الأخير”.
رضوان ادليمي – الرباط
في إطار أنشطة مجلس الجالية المغربية بالخارج في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تم مساء الجمعة 17 ماي 2024 تقديم آخر إصدارات المجلس وهو مؤلف “الرقاص الأخير” للأنثروبولوجي المغربي المقيم بالولايات المتحدة وعضو أكاديمية المملكة، عمر بوم، الصادر عن دار نشر “لغات الجنوب”.
في هذا الكتاب الذي نشر بالعربية والفرنسية والإنجليزية، يستعيد عمر بوم حياة والده، الذي كان على الأرجح آخر ساعي بريد حمل الرسائل سيراً على الأقدام قبل دخول عهد مكتب البريد. وقد قامت ابنة المؤلف، مجدولين بوم ميندوزا، المزدادة في الولايات المتحدة والتي تبلغ من العمر أربعة عشر عاماَ بتأثيث رسومات الكتاب.
خلال ندوة تقديم الكتاب التي أدارها الأستاذ المتخصص في مجالات الأنثروبولوجيا الاجتماعية والتراث الثقافي، احمد السكونتي، قال عمر بوم إن فكرة الكتاب استلهمها من مقدمة كتاب “من أفواه الرجال” للعلامة المختار السوسي، التي تركز على فكرة الاشتغال على تاريخ الأسرة. ومن هنا جاءت فكرة الاشتغال على مسار والده الراحل فراجي بن لحسن بن بورحيم بن بوم، وتسليط الضوء على مهنته كشخص بسيط من جنوب المغرب للحديث عن تاريخ المنطقة بصفة عامة.
كما أبرز عمر بوم الذي تحتل العائلة مكانة أساسية في تفكيره على أن الهدف أيضا من خلال هذا الكتاب هو تمرير ثقافة منطقته وثقافة الواحة، إلى ابنته المكسيكية الأمريكية والمغربية التي تحب جدها وعائلتها في المغرب ومرتبطة في نفس الوقت بالمكسيك، والتي رافقت فصول الكتاب برسومات تعبيرية من إبداعاتها. فالمؤلف بذلك عبارة عن ترجمة لروابط إنسانية قائمة بين ثلاثة أجيال.
وبعد إبراز بعض الخصائص التي تميزت بها مهنة والده “الرقاص” كالثقة والقدرة على المشي لمسافات طويلة، أكد الأنتروبولوجي عمر بوم اهتمامه بمسألة التنقل لأهميتها في تسهيل التواصل وفي تحقيق الصعود الاجتماعي، مبرزا أنه الكتاب استعاد من خلال مسيرة “الفرجي” الذي عايش طيلة حياته الممتدة ل110 سنوات أحداثا كبرى، وضعها الكاتب في سياقها التاريخي لإعادة كتابة تاريخ المنطقة.
وعن الدروس المستخلصة من مسار “الفرجي”، دعا الأنثروبولوجي في جامعة كاليفورنيا، الجامعات المغربية إلى الاجتهاد في إيصال البحوث في العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية إلى الجمهور العريض وخصوصا إلى الأجيال الجديدة التي لها اهتمامات أخرى، وعبر عن أمله في أن يكون قد تمكن من خلال كتاب “الرقاص الأخير” من الوصول إلى هذا الهدف، مؤكدا على أن اشتغاله رفقة ابنته الشابة ساعده في أن يفهم ويتعلم الكتابة للأجيال الجديدة.
وفي تقديمه لهذا للعمل، يرى رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج، إدريس اليزمي، أن عمل عمر ومجدولين بوم يعد بكل بساطة “درسا رائعا في التاريخ، يدعونا إلى العودة، بفضل تكريم آخر رقاص، الى بعض النقاط الخفية في ماضينا القريب بما في ذلك قضايا التمييز ولون البشرة والعنصرية والعبودية وما إلى ذلك”.
واعتبر أن المؤلف يتناول “إشكالية أساسية في نظر الآباء، ولاسيما بالنسبة للأسرة المهاجرة، والمتمثلة في التوارث بين الأجيال”.