الأستاذ إدريس زياد : حين يُفلس العرب ….
الجريدة العربية
في الوقت الذي صرح فيه الغرب وأمريكا دعمهم العلني لإسرائيل دون أدنى خجل، وإدانتهم للمقاومة الفلسطينية وتسجيلها في خانة الإرهاب، يكتفي العرب بالقلق وبمصطلحات التهدئة وضبط النفس، فإذا كان الغرب منافقاً ويكيل بمكيالين في القضايا المتشابهة، فإن العرب أشد كفراً ونفاقاً، وبأسهم بينهم شديد وما يفعله بعضهم بأنفسهم وببعض يتجاوز بأضعاف ما يفعله بهم عدوهم، فكثير منهم أدان المقاومة الفلسطينية ووصفها بالإرهاب بتعليمات من أسيادهم الصهاينة والغرب، العالم على شفا جرف هار، والحروب تضرب أطنابها يوماً بعد يوم، والعرب في غيهم سادرون، لا يرون حتى ما هو تحت أقدامهم، لا يستشرفون، ولا يزرعون، ولا يصنعون، فقط يستوردون، من الغير مطعمهم ومشربهم ومركبهم وكسوتهم، فكل المعابر المؤدية إلى غزة مغلقة، إلا معبر الجنة هو الوحيد الذي بقي مفتوحاً في وجه الشهداء، فبحكم الموقع التاريخي والجغرافي تبقى وصمة عار على جبين سيسي مصر باعتبار دولته هي الوحيدة المعنية بمساعدة أهل غزة بالمواد الغذائية والوقود والأدوية، من خلال معبر رفح، وهي ملزمة بذلك حسب قوانين الأمم المتحدة في حال الحروب، لكن السياسة الأمريكية تعتمد في أساسها على وجود حلفاء المنطقة العرب لا يهشون ولا ينشون الذباب على أفواههم وكذلك وجود السلطة الفلسطينية وبقائها واستمرار وظيفتها، فعدم وجود هذه السلطة الخانعة الخاضعة ينهي أي مشروع أمريكي، أما أصحاب الولاءات المتأرجحة والهمم الرخوة فهم ليسوا بأهل نجدة ولا نخوة فلا تركن إليهم في غافلة من ليل أو نهار…
يستعرض جيش الاحتلال الصهيوني عضلاته على ملاهي الأطفال والمنتزهات العامة والمستشفيات والمساكن، إنها إبادة جماعية في غزة، على مرأى ومسمع العرب والعالم الغربي المتحضر، الذي ينظر للمسلمين بوصفهم أشياء لا مشاعر ولا ذوات لهم، وهذا منتهى الإنحدار في التفكير الغربي،، يسقط الغرب مراراً في معركة القيم والحضارة وحقوق الإنسان وحقوق الطفل، والفواجع المتتالية تثبت أكاذيبهم ونفاقهم ولامبالاتهم حينما يتعلق الأمر بالمسلمين، ذاكرة الأجيال تسجل ولا تنسى، على مدار السنين، أنهم بلا قيم وبلا أخلاق، وإذا استعرضت تاريخهم لن تجد غير القتل والدماء والأشلاء منذ فجر التاريخ والحروب الصليبية والإبادات الجماعية للهنود الحمر والحروب العالمية والنازية والفاشية والصهيونية والإستعمار والقنابل النووية والحروب التي سميت زوراً على الإرهاب في سوريا والعراق وأفغانستان والصومال واليمن مروراً بمأساة العصر فلسطين، وللأسف الشديد حتى منصة الفيسبوك أصبحت تستند على أرجل من عنكبوت لكثرة تقييد النشر دون مبررات إستجابة للضغوطات، فالدكتاتورية عند مالك الفيسبوك المتحيز للمجرمين قتلة الأطفال ليس لها مثيل، كما عند البعض في مواجهة المنتقدين والمعبرين عن آرائهم الشخصية في القضايا السياسية والإجتماعية…
قبل خمسة وسبعين عاماً عند حصار برلين من قِبَل الإتحاد السوفييتي، قامت أمريكا والحلفاء بتزويد برلين بكل الإمدادات الإغاثية من خلال جسر جوي، حيث ألقت الطائرات المساعدات من الجو في وقت كانت برلين تعاني من الجوع والخوف والقهر، فكانت من أعظم اللحظات بعد الشدّة، وهي من الأحداث المهمة في التاريخ الألماني ويتذكرها الألمان في يوم 23 يونيه من كل عام، فكيف سيتذكر أبناء غزة بعد خمسة وسبعين عاماً حصار غزة وإغلاق كل المعابر وخصوصاً معبر رفح؟
فالحدث أكبر من كل الكلام، ويبقى قول: حسبنا الله ونعم الوكيل كافٍ، أليس الله بكافٍ عبده إن الله عزيز ذو انتقام، وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال، يا رب أنت لها، أزل الغمة، واكشف البلاء، واحفظ أولياءك، واخذل أعداءك.