يعرف المغرب في الآونة الأخيرة سعارا غير مسبوق في غلاء المعيشة . إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية و المحروقات بدرجة جعلت الطبقة الشعبية تنتفض بغضب شديد في وجه الحكومة . حيث تظاهر مواطنون في مدن مغربية عدة يوم أمس الأحد في ذكرى ” حركة 20 فبراير ” النسخة المغربية للربيع العربي كما سميت في الصحافة الدولية .
قانون حرية الأسعار , غلاء المعيشة , الاحتكار و الانفجار الاجتماعي المرتقب .
ينقسم المغرب إلى شقين , مغرب افتراضي و مغرب مرئي . فالذي يعيش في هذا البلد الشمال إفريقي المحاذي للجنوب الغربي للقارة الأوروبية . قد يصاب بالذهول من قيمة الاستثمارات الغربية في هذا البلد و حجم المشاريع التنموية العملاقة التي جعلت من المملكة قطبا اقتصاديا عالميا يوازي ما تعرفه البلدان الغنية من ازدهار و تقدم . لكن المتمعن في الحركة الاجتماعية و النمط الغذائي للمواطن العادي المغربي , قد يصاب بالخيبة , لغرابة المترابطات المتعلقة بالنمط الاقتصادي و سبل عيش المواطن في هذا البلد . فالبون الشاسع بين الأجور الضعيفة التي تدفع للمواطن و غلاء أسعار المواد الغذائية الأساسية , و التهاب ثمن المحروقات , قد يجعل من المغرب ” فوهة بركان اجتماعي ” قد تنفجر في أي حين .
و يعزى غلاء أثمنة بيع الزيت و السكر و الدقيق و الحليب و البنزين في السنوات القليلة الماضية , إلى مجموعة من الأسباب أهمها الجفاف الذي يضرب المغرب في الآونة الأخيرة , و احتكار الشركات للماد الاستهلاكية الأساسية . خاصة بعد مصادقة المغرب على قانون يخول الحرية الكاملة في تحديد الأسعار سنة 2006 .
و يتهم محللون اقتصاديون الحكومة و هيئاتها الرقابية بالعجز في اتخاذ تدابير تجاه معضلة ارتفاع الأسعار التي أنهكت المواطن المغربي . إذ جعلته الظرفية القاهرة يخرج للشارع في مظاهرات عرفتها مدن مغربية مثل الرباط طنجة و العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء , تزامنت مع ذكرى ” الحركة الشبابية ” 20 فبراير ” التي نشأت في ظل الربيع العربي الذي عصف بعديد من الحكام على مستوى العالم العربي , في حين استفاد منه المغرب بإجراء تعديلات دستورية و حكومية جذرية . لكن يبدو أن شعار الحركة في تغيير أذيل الفساد ما زال قائما و أستعمل هاته المرة ضد الحكومة التكنوقراطية الحالية . حيث رددت الحملة التي نظمت يوم أمس الأحد شعارات قوية تندد بالفساد أهمها : ( هشتاغ أخنوش إرحل ) ( إسقاط الاستبداد و الفساد ) ( حرية كرامة عدالة اجتماعية ) .
غضب وطني شديد على حكومة الائتلاف التكنوقراطية .
و استغلت الأحزاب اليسارية المعارضة و الجبهة الاجتماعية , الظرفية الخطيرة التي تعيشها البلاد في ظل تفشي غلاء الأسعار , لتنظم إلى قافلة المحتجين على ظروف العيش المجحفة , أمام عجز الحكومة التي فضلت الهروب إلى الأمام من دون مسألة مدنية أو قانونية .
و دعت أحزاب المعارضة البرلمانية المغربية و جمعيات حماية المستهلك الحكومة الحالية لاتخاذ التدابير التي من شأنها حماية المواطن , كإجراء سريع لتحديد الأسعار و حماية و ضبط القدرة الشرائية .
و في ذات السياق , أعرب السيد ” فوزي لقجع ” الوزير المنتدب المكلف بالميزانية ” أن الغلاء الذي يشهده المغرب حاليا هو أمر متعلق بالظرفية الآنية التي يشهدها العالم , من غلاء القمح و المواد البترولية ” . مضيفا ” أن الدولة قد استخلصت الرسوم الجمركية المتعلقة باستيراد القمع و رفع قيمة الدعم على الدقيق بما يناهز 400 مليون دولار العام الماضي “ .
و يعيش المغرب على غرار عديد من البلدان أزمة جفاف , أثرت بشكل سلبي على المردودية الإنتاجية الفلاحية , بفرط شح المياه و قلة التساقطات المطرية .