أزمة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة بالمغرب ..
*ذ. عبدالله مشنون
عدم استيعاب والتقاط الإشارات في الخطابات الملكية في عمقها وأبعادها؛ لتحقيق ألأمن الغذائي والصحي؛ مع أن جلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الأولى من الولاية الحادية عشرة؛ سبق وقال: “نشدد على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد.”
في محاورة للمفكر الاستراتيجي والراصد الاجتماعي والمحلل السياسي والاقتصادي المغربي؛ الدكتور محمد خمسي.
“المغاربة مباشرة في مواجهة الجوع..!
يبدو أن أهم مشروع لدى الحكومة؛ هو تعميم الفقر والهشاشة؛ على المغاربة.
وهي أصدق فقرة في التنزيل الحكومي بالمغرب الغير معلن عنها؛ بحيث لا تحتاج لكثير من الفهم أو إلى دراسة وتحليل؛ أو إلى مؤسسات، ومكاتب دراسة وخبرة متخصصة في المجال؛ لتتأكد من ذلك؛ فقط امشي في الأسواق، وتأمل في سلوك الناس وحال المغاربة..!
هذه الأيام خرجت لتقصي الأخبار؛ فزرت صديقي (حمان)؛ بائع خضر وفواكه في السوق؛ وهو رجل ذكي محترم؛ اختبر البشر والشجر والطير والحجر والخضر؛
وفي محاورتي له؛ قال لي:
- في غضون هذا الأسبوع سأشتري ميزانًا إلكترونيًا؛ لأن الناس لم تعد تريد شراء ربع أو نصف كيلوغرام؛ وإنما ترغب في أن تأخذ حبة أو حبتين طماطم؛ أو حبة بصل… ويقولون لك: كم ثمن قيمتها ماليًا.!؟ لقد فرض هذا الأمر علي اقتناء ذلك الميزان..!
- سألته عن أحوال السوق!؟
- فأجابني : لم يعد له منطق!
- قلت له : كيف ذلك؟
- فأجابني : أصبحت الناس تشتري ما تستطيع؛ لا ما تحتاج إليه؛ ونحن لا نستطيع تحمل فساد وكساد الخضرة؛ لأننا نشتريها بأثمنةٍ باهظة ! ولهذا الكثيرون يُباعدون بين أسفارهم للسوق؛ فيتسوقون يومًا؛ ويمتنعون عن التبضع يومًا؛ حتى يستنفد ما لديهم من خضر.
- استطرد وقال : لم تعد مسألة جودة وطراوة؛ وإنما كم ثمنها!؟ وهو أهم سؤال.
- ولذكاء الرجل ؛ قال لي:
- لعل آخر قلعة كنا ندعي أن المغرب يمتاز بها: وهي القدرة على تناول الخضر والقطاني؛ قد انهارت..! وأصبحنا مباشرة في مواجهة الجوع..!”