الجرائد العالمية

نيوزيلندا “الغنية” تواجه أكبر أزمة اقتصادية منذ 35 عاماً، لتقف أمام معضلة هجرة الأدمغة وتحديات التنمية

الجريدة العربية – (مختارات دولي)

تعيش نيوزيلندا، التي لطالما كانت تُعدّ وجهة مثالية للمغتربين، أزمة اقتصادية غير مسبوقة، تمثّلت في ركود هو الأشد منذ 35 عامًا. ووفقًا لصحيفة Die Welt الألمانية، سجل الاقتصاد النيوزيلندي انكماشًا بنسبة 1.1% خلال عام 2023، ما دفع العديد من المواطنين إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل، وعلى رأس الوجهات: أستراليا.

هجرة غير مسبوقة

في عام 2024، غادر نحو 129 ألف شخص البلاد، أي ما يُعادل 2.5% من إجمالي عدد السكان البالغ 5.1 مليون نسمة. وعلى الرغم من تدفق عشرات الآلاف من المهاجرين إلى نيوزيلندا، فإن الميزان الصافي للهجرة كان سلبيًا، إذ فقدت البلاد 47 ألف مواطن. وهذا تحول كبير مقارنةً بما قبل جائحة كوفيد-19، حيث لم تكن البلاد تفقد سوى نحو 3 آلاف شخص سنويًا.

هجرة العقول تقلق الخبراء

أوضح عالم الاجتماع الشهير بول سبونلي أن من يغادرون هم غالبًا من أصحاب الكفاءات العالية، مثل روّاد الأعمال، والخريجين الجامعيين، والشباب الطموحين في العشرينات والثلاثينات من العمر. وأضاف أن فقدان هؤلاء يشكل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل البلاد الاقتصادي والتنموي.

أستراليا: الوجهة المفضلة للنيوزيلنديين

تستقطب أستراليا، بما تملكه من اقتصاد قوي ومدن كبرى مثل سيدني (5.5 مليون) وملبورن (5.1 مليون)، أعدادًا متزايدة من النيوزيلنديين. ويشير الاقتصادي في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ديفيد هوغ إلى أن أستراليا “توفر بيئة حضرية ومناخًا ابتكاريًا يصعب على المدن الصغيرة في نيوزيلندا مجاراته”. كما أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد (بعد تعديله حسب القدرة الشرائية) يفوق نظيره في نيوزيلندا بنسبة الثلث تقريبًا.

الإنتاجية المنخفضة تعيق النمو

تُعد الإنتاجية الضعيفة أحد أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد النيوزيلندي. فرغم الانتعاش الاقتصادي في الفترة بين 2013 و2019، إلا أن معدلات الإنتاجية بقيت راكدة. ويؤكد هوغ أن “ضعف إنتاجية العمل يظل مشكلة مزمنة، لأنها المحرك الأساسي لمستوى المعيشة”.

إصلاحات حكومية.. ولكن!

لمواجهة هذه الأزمات، شرعت الحكومة النيوزيلندية في حزمة من الإصلاحات، تشمل:

  • جذب الاستثمارات الأجنبية
  • تبسيط الأنظمة البيروقراطية
  • تعزيز البحث العلمي

إلا أن “ثمار هذه الإصلاحات ستحتاج إلى وقت لتظهر”، بحسب هوغ، الذي يحذّر من أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ويشيد في الوقت نفسه باتجاه صناع القرار نحو المعالجة الجذرية.

في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية واستمرار هجرة العقول، تواجه نيوزيلندا تحديًا وجوديًا يهدد طموحاتها التنموية، ويجعلها أمام خيارين: الإسراع في تنفيذ إصلاحات فعالة أو مواجهة المزيد من الخسائر في الكفاءات والسكان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى