الجريدة العربية – الرباط
أصدرت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بقضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط، مساء الخميس 8 ماي 2025، حكمًا غيابيًا في حق هشام جيراندو، وقضت بإدانته بخمس عشرة سنة سجنا نافذا، بعد متابعته في قضايا تتعلق بتكوين اتفاق إرهابي وتحريض علني على تنفيذ أعمال عنف تمس بشكل مباشر بأمن الدولة والنظام العام.
وحسب ما توصلت به الجريدة العربية من مصادرها الخاصة، فإن الملف تعود أطواره إلى شكايتين تقدم بهما القاضي والوكيل العام السابق نجيم بنسامي، يتهم فيهما هشام جيراندو بالتحريض عليه علناً والدعوة إلى تصفيته الجسدية، في تصريحات وصفها القضاء بـ”التحريض الصريح على الإرهاب”. وقد تم توثيق هذه التصريحات عبر تسجيلات مصورة نُشرت على حسابات علنية في وسائل التواصل الاجتماعي.
دعوات علنية إلى القتل.. وتحريض موجه للتنظيمات الإرهابية
في فحوى الحكم، اعتبرت المحكمة أن مضمون رسائل المتهم يتجاوز حرية التعبير ويدخل في نطاق التحريض الإرهابي الممنهج، خصوصًا حين دعا صراحة إلى قتل القاضي بنسامي وإعادة تمثيل الجريمة مرارًا، بل أرفق كلامه بتوجيهات مبطنة تحاكي أساليب التنظيمات الإرهابية التي تعتمد على الإرهاب الفردي.
ومن بين العناصر الخطيرة التي وثّقتها المحكمة، تعمّد جيراندو نشر صور شخصية ومعلومات حساسة عن القاضي وأفراد من عائلته، وهو ما عدّته المحكمة بمثابة “تسهيل مباشر لاستهداف الضحية من طرف جهات متطرفة”.
تهديدات موثقة ورسائل خطيرة
وحصلت الجريدة العربية على معطيات تؤكد أن القاضي بنسامي تلقى بالفعل تهديدات متكررة عقب حملات التحريض، بعضها مذيلة بتوقيعات لكيانات وصفت نفسها بأنها “تنظيمات جهادية”، وتوعدت بتصفيته هو وعائلته، مستندة إلى ماضيه المهني في التحقيق بقضايا الإرهاب، ولا سيما أحداث 16 ماي الشهيرة.
وقد عبّر دفاع المشتكي، حسب المصادر ذاتها، عن قلقه من تنامي هذه التهديدات، مطالبًا السلطات المختصة بتفعيل تدابير حماية الشهود وضحايا الإرهاب، بما في ذلك الحماية الجسدية، بالنظر إلى الخطورة المتصاعدة للملف.
تفاعلات ورسائل سياسية وقضائية
الحكم القضائي أثار ردود فعل واسعة في الأوساط القضائية والحقوقية، حيث اعتبره كثيرون رسالة واضحة بأن المؤسسات القضائية المغربية لا تتسامح مع محاولات ترويع أطرها أو النيل من هيبتها، بينما رأى آخرون أن ما قام به المتهم يدخل ضمن ما يسمى بـ”الجهاد الرقمي” الذي تحرض عليه بعض الجماعات المتطرفة من خلال التشهير والتحريض والترهيب.
المسار الكندي مستمر
وتجدر الإشارة إلى أن الدعوى الثانية المرفوعة من طرف بنسامي ضد هشام جيراندو في كندا ما تزال قيد النظر. وكانت المحكمة الكندية قد ألزمت المتهم سابقًا بحذف محتوى رقمي اعتبر مسيئًا، وهو ما يعزز – وفق ما أوردته الجريدة العربية – فرضية صدور حكم مماثل في القضية الجارية على الأراضي الكندية، خصوصًا أن السياق العام يؤشر إلى اتساع رقعة الأفعال الجرمية التي يتابع من أجلها المتهم دوليًا.