طاطا.. منع زراعة البطيخ بين الإنجاز والاختلالات: دعوة للتعامل الجدي مع تجاوزات تهدد المستقبل المائي

الجريدة العربية -الرباط

أقدمت السلطات الإقليمية في طاطا على اتخاذ قرار تاريخي قبل ثلاث سنوات بمنع زراعة البطيخ الأحمر، في خطوة جريئة تهدف إلى حماية الموارد المائية وتقليل استنزاف الفرشة الجوفية، بعدما أثبتت الدراسات أن هذه الزراعة تستهلك كميات مهولة من المياه. هذا القرار جاء استجابةً للأزمة المتفاقمة التي تهدد السكان والفرشة المائية، مما جعل الإقليم أمام تحدٍ كبير يتطلب إجراءات صارمة ومستدامة. ورغم الجهود المكثفة لتنفيذ هذا القرار، إلا أن الفترة الأخيرة كشفت عن تجاوزات خطيرة تثير علامات استفهام حول مدى الالتزام الفعلي به، ومدى قدرة الجهات المعنية على فرض احترامه وضمان استدامة تداعياته الإيجابية على المنطقة.

في 21 مارس 2021، أصدرت السلطات الإقليمية القرار رقم 38، الذي جاء ليضع حدًا لاستنزاف المياه الجوفية الناتج عن زراعة البطيخ، تلته إجراءات معززة بالقرار رقم 424 بتاريخ 17 ديسمبر 2022، ليمنع جميع أنواع هذه الزراعة. لم تكن هذه القرارات إلا ثمرة مشاورات موسعة بين السلطات المحلية، المجالس المنتخبة، والمجتمع المدني، ما يعكس إرادة جماعية للوقوف ضد هذه الممارسات الضارة.

خلال السنوات الثلاث الماضية، تم وقف زراعة آلاف الهكتارات من البطيخ، ما اعتُبر نجاحًا ملموسًا يعكس الالتزام بالحفاظ على الموارد الطبيعية. كما شهدت هذه الفترة مراقبة صارمة، تفكيك شبكات ري غير قانونية، وحملات توعية للفلاحين لتبني بدائل زراعية مستدامة.

ورغم الجهود الكبيرة المبذولة، أفادت لجنة فلاحي طاطا أن زراعة البطيخ استمرت علنًا في بعض المناطق، في خرق واضح للقوانين المعلنة. ما زاد الطين بلة هو الإبلاغ عن تسويق هذه المزروعات وإتلافها لاحقًا دون مسوغ قانوني، ما يثير أسئلة حول ازدواجية التعامل مع القانون. هذه التجاوزات تمثل إشارة خطيرة إلى وجود خلل يستدعي التحقيق الفوري.

لجنة فلاحي طاطا، التي وجهت مراسلة رسمية بتاريخ 19 نوفمبر 2024 إلى عامل الإقليم، طالبت بتوضيحات حول هذه التجاوزات وعدم الرد على المراسلة. كما أبدت استياءها من التمييز الواضح في تطبيق القانون. الفلاحون الملتزمون بالقوانين يطالبون اليوم بمحاسبة من خالفها ومن تستر عليهم، في ظل تفاقم أزمة المياه التي تهم مستقبل الإقليم بأسره.

إن نجاح طاطا في الحد من زراعة البطيخ يجب ألا يُقوضه الإهمال أو الاستثناءات غير المبررة. يجب على السلطات التعامل بجدية مع هذه التجاوزات، من خلال تحقيق نزيه يضمن تطبيق القانون على الجميع دون استثناء. كذلك، فإن تعزيز المراقبة الميدانية والتواصل مع الفلاحين سيضمن حماية المكتسبات وتوجيه التنمية نحو مسار مستدام يحترم البيئة وحقوق الجميع.

Exit mobile version