ضربات استباقية في قلب شبكات التهريب: الحرس الوطني التونسي يُحكم قبضته على أخطر ممرات المخدرات

الجريدة العربية – إلياس الهداجي (مكتب تونس)

في سياق الحرب المفتوحة التي أعلنتها الدولة التونسية على آفة المخدرات، تواصل وحدات الحرس الوطني تنفيذ عمليات نوعية توجه من خلالها رسائل صارمة إلى أباطرة التهريب ومروجي السموم البيضاء. ففي حصيلة ثقيلة تعكس حجم التحدي الأمني، أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني التونسي حجز أكثر من مليون و200 ألف قرص من مادة “إكستازي”، إضافة إلى كميات هامة من “الكوكايين” و”الزطلة”، في سلسلة من العمليات المركزة التي طالت المعابر الحدودية والمسالك البرية داخل البلاد.

وخلال نقطة إعلامية انعقدت بمقر الإدارة العامة للحرس الوطني بالعوينة، كشف العميد حسام الدين الجبابلي أن هذه الضربات الأمنية لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة تنسيق محكم بين مختلف وحدات التدخل، من حرس وأمن وطنيين، مرورًا بالإدارة الفرعية لمكافحة المخدرات، وصولاً إلى أجهزة الاستعلامات والأبحاث التي عملت على توظيف الوسائل الفنية والميدانية لكشف امتدادات هذه الشبكات.

ووفق الجبابلي، فإن العمليات لم تقتصر على المنافذ الحدودية، بل شملت أيضًا شبكات التوزيع داخل البلاد، حيث لعبت الوحدات المرورية دورًا مهمًا في رصد التحركات المشبوهة على الطرقات الوطنية والطرقات السيارة، ما أفضى إلى إحباط عدة محاولات تهريب كانت موجهة نحو السوق الداخلية.

ويُفهم من السياق العام للخطاب الأمني أن الحرب على المخدرات لم تعد مجرد عمليات ظرفية، بل تحوّلت إلى استراتيجية أمنية دائمة، خاصة بعد إعلان رئيس الجمهورية التعبئة الشاملة في مواجهة هذا الخطر المتنامي. فالأرقام المُعلنة، والحجم غير المسبوق للمحجوزات، يكشفان أن تونس لم تعد مجرّد ممر للمخدرات، بل مستهدفة كسوق استهلاكية ناشئة، وهو ما يفسّر التحوّل في أساليب التهريب والتوزيع.

العملية الأخيرة، التي وصفت بأنها “ضربة قاصمة”، لا تعكس فقط حجم النجاح الاستخباراتي، بل تؤكد أيضًا أن الدولة، عبر أجهزتها الأمنية، ماضية في تجفيف منابع الجريمة المنظمة، في معركة مفتوحة لا تقبل أنصاف الحلول.

Exit mobile version