تنامي ظاهرة الساعات الإضافية يهدد مستقبل تلاميذ مدينة بوجدور ويضرب في مصداقية المدرسة العمومية.
الجريدة العربية
شهدت مدينة بوجدور مؤخرا كغيرها من المدن المغربية تنامي ظاهرة الساعات الإضافية او مايسمى ب“السوايع” التي دفعت مجموعة من رجال التعليم حتى لا نقول الكل لزاما للحياد إلى الاسترزاق عن طريق بيع المعرفة مقابل واجب شهري يؤديه التلميذ أملا في أن يتحسن مستواه المعرفي و التعليمي، الذي غالبا مايكون هزيلا لعدة اسباب.
ومن خلال التحريات التي باشرتها “الجريدة العربية ” ، فقد حاولنا أن نرصد هذه الظاهرة التي تنتشر في. عديد من الأحياء والمراكز بل حتى البيوت، فوجدنا بأن هذه الخدمة الجديدة أصبح يقوم بها العديد من الأشخاص ،بالإضافة إلى مؤسسات التعليم الخصوصي.
تحت شعار ” دروس الدعم و التقوية”. و بعد أن يقضي التلاميذ ما قدر لهم من ساعات رسمية من التعلم في المدرسة العمومية أو الخصوصية.يجدون أنفسهم مجبرين على الامتثال و الخضوع بقوة إغراءات ظاهرة ” السوايع” . و ما تحمله في طياتها من سلطة على نفسية المتعلم الذي هو في الاساس يعاني العديد من الاكراهات.
هذا و يساهم رجال التعليم سواء بالسلك الابتدائي ،الإعدادي ،الثانوي في تكريس الظاهرة و تناميها. في غياب رادع او تطويق للظاهرة الحديثه القديمة، وحتى نكون موضوعين لا بد من الإقرار في هذا الباب بأن آباء و أولياء أمور التلاميذ يساهمون قدر مستطاعهم في إنعاش الظاهرة و استمرارها حتى تظل حية متطورة كما تتطور باقي المشكلات الاجتماعية.
إذا حاولنا أن نحلل الظاهرة مبدئيا تحليلا سليما بعيدا عن أحكام القيمة، لا بد أن نربط السبب بالنتيجة، نقر إقرارا جازما بأن الظاهرة لها أسباب متعددة قد تكون اجتماعية و اقتصادية.
من دون شك فالآباء الذين يرسلون أبنائهم من أجل الاستبراك من بركات “السوايع”. يجدون أنفسهم مرغمين على تلبية رغبات أبنائهم المسترسلة.
فما السر الكامن وراء اتجاه التلاميذ إلى “أوكار” الساعات الإضافية.؟ربما الأسئلة تتعدد في هذا الباب، فيما يصعب الجزم بإعطاء أجوبة شافية كافية لها.لكن كيفما كان الحال ،يمكن الإقرار بأن الساعات الإضافية تنبئ بأن هناك خلل ما إما في المدرسة و الخدمة التي تقدمها للتلميذ. أو المشكل في التلميذ نفسه أو في الأستاذ .إذا عدنا إلى العلاقة التي تربط بين أطراف المثلث الديدكتيكي. المدرس و المتعلم و المعرفة.
و يعتبر المتعلم هو مركز العملية التعليمية في كل تفاعل يحدث داخل الفصول الدراسية،كما يعتبر المدرس بكل ما يميزه من قدرات و كفاءات في خدمة المتعلم.و ضمان التعلم الفعال و السليم لأفراد جماعة القسم.
فحينما يلتزم المدرس بأخلاقية مهنة التدريس و نبلها، و يتسلح بما ورد في المنهاج الدراسي من توجيهات و تعليمات رسمية ، يكون قد ساهم في حماية المتعلم من الاتجاه إلى أماكن أخرى قد لا تتوفر فيها شروط بناء المعرفة الحقة. إن لم نقل يغيب فيها البناء الصحيح و السليم للمعرفة فحسب بعض المحللين الاجتماعين فإن الإنسان عندما يحس بالجوع فإنه يبحث عن الطعام داخل البيت وخارجه وهذا ينطبق على التلميد الذي يبحث بدوره عن المعرفة التي للأسف تخضع لمقابل وبمباركة الاسرة
.
إذ غالبا ما نجد الأسر الميسورة هي التي تيسر استمرارية الظاهرة بفضل ما تيسر لها من زاد مادي تقتطعه من دخلها الشهري إضافة إلى النفقات و الواجبات الشهرية الأخرى.
وبالرجوع لما سبق نجد انا وزارة التربية الوطنية قد شددت في مذكراتها على محاربة ظاهرة الدروس الخصوصية المؤدى عنها وهذا مالمسنه في العديد من المديريات التي باشرت اجراءاتها في هذا الصدد وقامت بتكوين لجان مديرية تعمل على ضبط المخالفين من الأساتذة.
ومن ضمن هذه المديريات نجد مديرية بوجدور التي تحتاج مزيدا من العمل والهمة لزجر المخالفين الذين انتشرت ممارساتهم( السوايع) في أرجاء المدينة واضحا حديت القاصي والداني،إذ يقدمون الدروس نهارا بالقسم و ليلا بمنزل استأجروه خصيصا لأداء مهماتهم الجديدة تحت جنح الظلام ضاربين بعرض الحائط القيم والشعارات .وهو مايعتبر مخالفا للاخلاقيات.
لكون التعليم مرتبط بمنظومة القيم ، كما ان المؤسسات هي الوحيدة المرخص لها من طرف الدولة و هي الكفيلة بتقديم الخدمات المتعلقة بالتربية و التعليم.
لهذا ندعو السيد المدير لبوجدور بالضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه استغلال الأسر الفقيرة قبل التلميد.كما نوجه لرسالة لفدراليات جمعيات أولياء التلاميد والجمعيات الفاعلة التي تسعى بدورها لكبح الظاهرة و المساهمة في وقف هذا النزيف الذي يسيئ للمنطومة التعليمية التي تضم اطر وهيئات تدريسية مشهود لها بالكفاءة وحسن الخلق والتي تم توشيح البعض منها بوسام ملكي كذليل على المهنية والالتزام.