
الإعلام القطري “الجزيرة” والمفارقة الصارخة: شعارات المقاومة وصفقات التطبيع مع اسرائيل في الخفاء.
الجريدة العربية – عبد العزيز الريصوني
في الوقت الذي يستمر فيه الإعلام القطري، وعلى رأسه قناة “الجزيرة”، في الترويج لخطاب “المقاومة” و”نصرة فلسطين”، تتكشف يوماً بعد آخر مفارقات صادمة بين الخطاب المعلن والممارسة الفعلية. فمنذ أكثر من عام، لم تهدأ الحملات الإعلامية القطرية التي تدعو لمقاطعة الشركات العالمية الكبرى مثل كوكاكولا، ستاربكس، KFC، وماكدونالدز، بدعوى دعمها لإسرائيل، في وقتٍ تُبرم فيه قطر صفقات اقتصادية وتجارية بمليارات الدولارات مع أطراف إسرائيلية، وتستضيف شخصيات صهيونية نافذة في قلب الدوحة.
منابر التحريض وخطاب مزدوج
تحولت قناة الجزيرة، بما لها من تأثير واسع في الشارع العربي والمغربي خصوصاً، إلى منبر يُحرّض الناس على الفوضى بذريعة “الدعم لفلسطين”، ناشرةً أخباراً مفبركة عن موانئ مغربية (طنجة والدار البيضاء) ، أنها تستقبل سفناً حربية إسرائيلية، متهمةً السلطات المغربية، دون أدلة، بالتواطؤ. ورغم غياب أي تغطية موضوعية لما يحدث فعلياً على الأرض، واصل الإعلام القطري عزف نغمة التحريض، متجاهلاً في المقابل صفقات قطر الكبرى مع شركات إسرائيلية ولوبيات يهودية أمريكية.
الاستثمارات الخفية والزيارات المعلنة
في المقابل، تُظهر تقارير عديدة أن قطر عقدت صفقات تُقدّر بأكثر من 4.4 تريليون دولار، مع شركات إسرائيلية وغربية على صلة مباشرة بدعم تل أبيب. وظهر الملياردير الصهيوني رونالد لودر، رئيس المؤتمر اليهودي العالمي، علناً في الدوحة، حيث أجرى مباحثات رفيعة مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حول ترتيبات صفقات استراتيجية.
المفارقة الأكثر لافتة تكمن في أن هذه اللقاءات تمت على مقربة من مقر قناة الجزيرة ذاتها، التي تُواصل تصدير الشعارات الثورية وتدّعي مناصرة الشعوب، بينما صفقات التطبيع مع اسرائيل تُعقد في وضح النهار.

قاعدة العديد: بوابة الدعم اللوجستي غير المباشر لإسرائيل
من الجوانب المسكوت عنها في التغطية الإعلامية القطرية، دور “قاعدة العديد” الجوية، التي تعد من أكبر القواعد الأميركية في المنطقة، وتقع في قلب الأراضي القطرية. فبالإضافة إلى دورها في العمليات الأميركية، تُستخدم القاعدة لتوفير دعم لوجستي واستخباراتي لإسرائيل في فترات التوتر الإقليمي، سواء في غزة أو لبنان أو اليمن، وفق ما أشارت إليه تقارير دولية متعددة.
وقد أعلنت قطر مؤخراً عزمها استثمار 10 مليارات دولار إضافية لتوسيع القاعدة، في خطوة تؤكد عمق الشراكة الأمنية مع واشنطن، بصرف النظر عن خطابات “الممانعة” التي تتبناها وسائل إعلامها.
المغرب بين الواقعية السياسية وأكاذيب المنصات الخارجية
في خضم هذه الحملة المنظمة، يتعرض المغرب لحملات تحريض موجهة تستهدف زعزعة ثقة المواطن بمؤسساته، والتشكيك في مواقفه الوطنية، وخاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية. فمنصات الإخوان المسلمين، الممولة من قطر، تسعى إلى تأليب الرأي العام المغربي وتشويش الصورة أمام المتابع العربي، في محاولة خبيثة للنيل من استقرار المملكة المغربية.
لكن الشعب المغربي أثبت عبر التاريخ وعيه العميق وولاءه لوطنه ولملكه، مدركاً أهمية الحفاظ على المصالح العليا للبلاد. فالصحراء المغربية ليست مجرد قضية حدودية، بل قضية هوية وسيادة وطنية لا تقبل المساومة.
خاتمة: بين الشعارات الفضفاضة ومصالح الأوطان
إن مقاومة الشعارات الزائفة تبدأ من تعزيز الوعي الوطني، والتمسك بالمعلومة الدقيقة، وتفعيل مبدأ “فتبيّنوا” في التعامل مع الأخبار القادمة من جهات مشبوهة. ليس كل من يدّعي الدفاع عن فلسطين صادقاً، ولا كل من يرفع راية “المقاومة” بريئاً من التطبيع.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج المغرب إلى أبنائه لحماية وحدته واستقراره من حملات التضليل الإعلامي التي تُدار من خلف الستار، تحت يافطات برّاقة تخفي خلفها أجندات كبرى.
فلسطين حرة