الجريدة العربية – الرباط
بعد قراره بخفض سعر الفائدة الرئيسي بـ25 نقطة أساس إلى 2.50% خلال اجتماعه الرابع في عام 2024، قد يتجه مجلس بنك المغرب (BAM) إلى خيار الإبقاء على استقرار المعدل هذه المرة. ويعود هذا القرار إلى التطورات المسجلة على مستوى التضخم، الذي لا يزال متماشياً مع هدف استقرار الأسعار، إلى جانب الضبابية الاقتصادية العالمية التي تؤثر على التوقعات الاقتصادية متوسطة الأجل.
التضخم تحت السيطرة وارتفاع في القروض المصرفية
سجل مؤشر الأسعار عند الاستهلاك (IPC) في يناير 2025 ارتفاعًا بنسبة 2% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، وفقًا لمعطيات المندوبية السامية للتخطيط (HCP). ويرجع هذا التغير أساسًا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 3.3%، وأسعار المنتجات غير الغذائية بنسبة 1.1%، بحسب المذكرة الأخيرة لـHCP.
في الوقت ذاته، تسارع نمو القروض البنكية الموجهة للقطاع غير المالي، حيث بلغ 3.3% في يناير 2025، مقارنة بـ2.6% في ديسمبر 2024، وفق بيانات بنك المغرب. وتعكس هذه الزيادة ارتفاع التمويلات المقدمة لكل من المقاولات غير المالية والأسر.
- ارتفعت القروض الممنوحة للشركات الخاصة بنسبة 1.2% بعد تسجيلها 0.6% في ديسمبر.
- زادت القروض للمؤسسات العمومية بنسبة 8.6% مقابل 7.3% في الشهر السابق.
- تسارعت القروض الموجهة للأسر إلى 2% بعد أن كانت 1.7% في ديسمبر.
إجماع المستثمرين على خيار الاستقرار
يرى عمر بكّو، الخبير الاقتصادي والمتخصص في سياسة الصرف، أن بنك المغرب سيحافظ على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، مرجحًا خيار “الستاتيكو” في السياسة النقدية. ويعزو هذا القرار إلى غياب ضغوط تضخمية وتحسن التوقعات الاقتصادية.
وقال بكّو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء (MAP): “التوقعات الخاصة بالتضخم لعام 2025 تشير إلى منحى تنازلي، بفضل التساقطات المطرية الأخيرة التي تعزز توقعات الإنتاج الزراعي. وهذا من شأنه زيادة العرض وبالتالي خفض أسعار المنتجات الفلاحية، مما يساعد في احتواء التضخم.”
وأشار أيضًا إلى أن النمو الاقتصادي يسير في منحى إيجابي، وهو ما تدعمه توقعات صندوق النقد الدولي (FMI)، والمندوبية السامية للتخطيط (HCP)، والتقرير الاقتصادي والمالي المرافق لقانون المالية. وفي هذا السياق، لن يكون بنك المغرب مضطرًا إلى خفض سعر الفائدة لدعم النشاط الاقتصادي.
كما أكد الخبير أن “الحذر النقدي” يبرر خيار استقرار الفائدة، حيث إن التعديلات المتكررة قد تؤثر على توقعات الأسواق وتحدّ من رؤية الفاعلين الاقتصاديين، ما يجعل النهج المحافظ أكثر ملاءمة للإبقاء على سعر الفائدة عند 2.5%.
شبه إجماع بين المستثمرين
في السياق ذاته، أكدت Attijari Global Research (AGR) في تقريرها “Research Report-Strategy” أن هناك “إجماعًا شبه تام” بين المستثمرين في المغرب حول الإبقاء على سعر الفائدة عند مستواه الحالي.
واستنادًا إلى استطلاع للرأي أجرته AGR على عينة تضم 35 من أبرز المستثمرين في السوق المالية المغربية، فإن احتمال الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير بلغ 94%، مقابل 6% لصالح خفض بمقدار 25 نقطة أساس، بينما لم يكن هناك أي توقعات بزيادة سعر الفائدة.
توزيع آراء المستثمرين حسب الفئات
- المؤسسات المحلية: 91% يتوقعون تثبيت السعر، مقابل 9% يفضلون الخفض.
- الفاعلون المرجعيون: 93% لصالح الاستقرار، و7% يفضلون الخفض.
- المستثمرون الأجانب والأفراد: يتوقعون جميعًا خفضًا بمقدار 25 نقطة أساس.
بناءً على هذه المعطيات، يبدو أن بنك المغرب يتجه إلى الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير، في انتظار تطورات الاقتصاد الوطني والدولي خلال الأشهر القادمة.