أعمدة الرأي

إزدواجية المعايير الإعلامية: قناة الجزيرة تحت المجهر

الجريدة العربية -الرباط

في خضم الأحداث السياسية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة، تبرز قناة الجزيرة القطرية كواحدة من أبرز وسائل الإعلام التي تُعرف بتغطيتها المكثفة للأحداث الساخنة في العالم العربي. ومع ذلك، أثارت تغطية القناة – أو بالأحرى غيابها – للمظاهرات الأخيرة في تركيا تساؤلات حول معاييرها التحريرية ومدى التزامها بشعارها الشهير “الرأي والرأي الآخر”.

لطالما اشتهرت الجزيرة بتقسيم شاشتها إلى عدة مربعات عند تغطية التحركات الشعبية في الدول العربية، حيث تُخصص مساحات واسعة لتحليل الأحداث واستضافة الخبراء والمحللين. لكن مع وصول المظاهرات إلى تركيا، غابت هذه الديناميكية الإعلامية بشكل ملحوظ. لا تقارير عاجلة، ولا بث مباشر من زوايا متعددة، ولا حتى استنفار للمحللين لمناقشة “المشاهد الغاضبة”. فهل تعرضت برامج القناة لخلل فني مفاجئ، أم أن هناك أسباباً أعمق وراء هذا الغياب؟

يشير بعض النقاد إلى أن تغطية الجزيرة للأحداث قد تكون مرتبطة بعوامل جغرافية وسياسية، حيث يبدو أن القرب من “الباب العالي” – في إشارة إلى تركيا – يلعب دوراً في تحديد أولويات التغطية. فبينما تُسلط القناة الضوء على الاحتجاجات في دول أخرى، يبدو أن الأحداث في تركيا تُغطى بـ”حكمة وهدوء”، مع التركيز على نشرات الأحوال الجوية بدلاً من المشاهد الغاضبة.

يثير هذا النهج تساؤلات حول مصداقية القناة ومدى التزامها بمبادئ الحياد الإعلامي. هل يمكن أن تكون المعايير التحريرية قابلة للتعديل بناءً على الولاءات الإقليمية والمصالح السياسية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو تأثير ذلك على ثقة الجمهور في القناة كمصدر موثوق للأخبار؟

بينما تظل قناة الجزيرة واحدة من أبرز وسائل الإعلام في المنطقة، فإن الانتقادات المتعلقة بازدواجية المعايير تضعها أمام تحدٍ كبير للحفاظ على مصداقيتها. فالجمهور اليوم أكثر وعياً وقدرة على التمييز بين التغطية الموضوعية والتغطية الانتقائية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى