بوحافة العرابي*
أعلنت وسائل إعلام روسية مقربة من الكرملين عن طلبيات تفيد الحصول على أقمار استطلاع عسكرية روسية من قبل خمس دول من بينها الجزائر وجنوب إفريقيا ومصر . و بالمقابل حصل المغرب على معدات معادلة بفضل “اتفاق سري” مع الصناعة العسكرية الفرنسية لمدة خمس سنوات في عهدة فرانسوا هولاند .
مستفيدة من التراجع الأمريكي الواضح في الريادة العالمية في مجال التسلح ، تمكنت روسيا من تحقيق مكانة كبيرة في هذه السوق و في صناعة غزو الفضاء . هذا الموقف القوي من بوتين كان له صدى قويا لدى الأسرة الدولية , حيث بدا كتحدي للعقوبات التي فرضها المعسكر الغربي في أعقاب الحرب الروسية ضد أوكرانيا .
و تم تأكيد الطلبيات التي تلقتها روسيا من مصر و جنوب إفريقيا و الجزائر , من قبل المدير العام لوكالة الفضاء الروسية ، يوري بوسيموف . و على الرغم من التأخير الذي تسببه روسيا في مجال صناعتها الفضائية ، فإن الطلبات الأخيرة تمثل عودة ملحوظة للغاية لقوة الدب الروسي في مواجهة الغرب (المتعالي) ، حيث تتحدى روسيا خصومها من خلال وضع نفسها بجدارة في سوق صناعة الاستطلاع العسكري للفضاء .
كما يستحضر مدير وكالة الفضاء الروسية الضغوط الأمريكية ، ولا سيما تلك التي تم إدخالها في قانون CASTAA الذي يعاقب البلدان التي تعتبر روسيا المورد الرئيسي لها بالأسلحة . حيث قال يوري : إنها “استراتيجية إخافة البلدان التي تعمل معنا على عدد معين من العقود لإطلاق الأقمار الصناعية التي نقوم بتطويرها بناءً على طلبهم والتي ستدور في المدار” خارج الغلاف الجوي للأرض .
المغرب يشتري قمرا صناعيا من فرنسا .
قبل الجزائر بوقت طويل ، و بالضبط في عام 2013 , وضع المغرب على أرض الواقع (خفية) , توقيع عقد لشراء قمر صناعي (….) من الشركة المصنعة الفرنسية تاليس ألينا للفضاء . و تم إطلاق هذا القمر الصناعي في 8 نوفمبر 2017 من كورو (غويانا الفرنسية) . هذا الإطلاق أثار حفيظة الجار الجزائري وكذلك إسبانيا . لأن الأمر لا يتعلق بالأقمار الصناعية للاتصالات والتنبؤ بالطقس بل بالاستطلاع العسكري حسب ادعاءاتهم . واحتدمت الصحافة الإسبانية ضد القرار الفرنسي ، لأنه سيضع أنشطة القواعد البحرية الإسبانية في متناول الجيش الملكي المغربي ، ناهيك عن مواقع قوات التدخل الإسبانية قرب مدينتي سبتة و مليلية المغربيتين و المحتلتين من لدن إسبانيا . و حسب ما ورد في الإعلام الأيبيري , سيكون المغرب قادرًا على معرفة أنشطة الصيد الإسبانية على سواحل المحيط الأطلسي المحاذية للمملكة , و إدراك تكتيكي عميق للكل التحركات التي تجول بالمنطقة .
بالنسبة للجزائر ، فإن وضع القمر الصناعي المغربي فيغا في مداره يشكل تهديدا في ميزان القوى على المستوى الإقليمي , و يجعل الجزائر لقمة سائغة و من السهل التهامها . وإدراكًا منها بالتخلف الواضح أمام ( عدوها اللدود ) جارها المغربي في مجال الذكاء التكنولوجي ، لم تجد الجزائر سوى منطق “دير بحال جارك أو بدل باب دارك ” لمخاطبة عرابها الروسي باعتباره المورد الطبيعي للأسلحة للجنرالات و “فكاك الوحايل” في السراء و الضراء لتدارك هذا التخلف . و هكذا , و خوفا من التقدم المغربي , تضاعفت الميزانية العسكرية لعام 2023 ثلاث مرات مقارنة بالميزانية السابقة ، الأمر الذي أثار ردود فعل من عدم الفهم من قبل العديد من المراقبين . و كان رد الفعل الأبرز على سباق الجزائر نحو التسلح , هو رد فعل سيناتور فلوريدا ماركو روبيو ، الذي واجه وزير الدولة للشؤون الخارجية ، أنتوني بلينكين ، طالبًا منه تطبيق قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال فرض عقوبات قاسية على الجزائر . و تصاعد الضغط بدرجة كبيرة ، حيث سينضم إليه 23 من أعضاء مجلس الشيوخ الذين يؤيدون موقف المطالبة بوجوب بالعقاب .
الخوف و الارتباك من تقدم المغرب يعززان المحور العسكري بين الجزائر و موسكو .
أصر الجيش الجزائري بالرغم من مخاوف أمريكا من زيادة ميزانيته العسكرية , بالقيام بخطوات انزلاقية غير مقبولة بالنسبة للأسرة الدولية بريادة الغرب . ففي سبتمبر 2022 ، شارك الجيش الجزائري (ANP) في مناورات عسكرية “فوستوك 2022” ، والتي جرت بحضور الجيوش الصينية والفيتنامية والبورمية ، وهي الدول التي اختارت شراء القمر الصناعي الروسي , حسب ما جاء في التقرير الإعلامي الروسي . وفي فبراير 2023 ، تم تنفيذ مناورات تكتيكية بين الجزائر وروسيا في تكتم في صحراء بشار بالقرب من الحدود مع المغرب , لكن الأنتليجنس المغربي و الأمريكي كشفا الأمر بتفاصيله الدقيقة , و عبرت عنه الجزائر بعدها بأنها تدريبات عسكرية روتينية فقط .
إن الحصول على أقمار الاستطلاع العسكرية هاته , يعطي قوة لشرارة التضاد بين الدولتين الشقيقتين . و بالرغم من أن الترسانة العسكرية الجزائرية (مدرعات ، طائرات ، إلخ) ، متفوقة تقليديا من حيث العدد على تلك الموجودة في المغرب حسب تقارير التسلح الدولية . إلا أن كفة الذكاء و التطور التكنولوجي و اللوجيستي , تروم نحو المملكة , التي خلقت شبكة تعاون بين جيشها و نظيره الأمريكي والإسرائيلي ، والذي صحح ميزان القوة العسكرية بشكل موات جدا لخلق الرعب و عدم الانضباط لدى الجزائر .