أخبار المغرب

إبراهيم غالي يدفن البوليساريو في جنازة عسكرية: والمملكة المغربية تنتصر بالصبر والحزم

الجريدة العربية – رضوان ادليمي

في مشهد عبثي لا يخلو من الرمزية، ظهر زعيم جبهة البوليساريو، إبراهيم غالي، في استعراض عسكري داخل الأراضي الجزائرية، بعيدًا عن أقرب نقطة من الصحراء المغربية بحوالي 170 كيلومترًا. لم يكن الحدث سوى مسرحية جنائزية لحركة انتهت فعليًا منذ سنوات، ولم يتبقَ منها سوى أشلاء خطاب مكرور وجسد سياسي يحتضر على أنغام العزلة والخذلان.

غالي، الذي تولى قيادة البوليساريو في ظرفية داخلية مأزومة وخارجية تزداد فيها عزلة الجبهة، اختار أن يحيي الذكرى 52 لما يسمى بعملية “الخنكة” لا لإعادة الأمل إلى من تبقى من أنصاره، بل كمن يلقي النظرة الأخيرة على مشروع ميت سريريًا، اختار له أن يُدفن في استعراض سُمي عسكريًا، لكنه في الحقيقة لم يكن سوى مأتم بصيغة الحرس.

المتابع لما تفعله الجبهة منذ خمس سنوات يلاحظ بوضوح أن كل تحركات غالي تصب في اتجاه واحد: دفن البوليساريو نهائيًا، لا إنقاذها. لا رؤية سياسية، لا مبادرة إصلاحية، لا أفق تفاوضي، ولا حتى خطاب جديد قادر على خداع المتعاطفين. كل ما بقي هو استعراضات في الصحراء الجزائرية، وبيانات إنشائية تتحدث عن “جيش صحراوي” وهمي، أصبح أكثر ما يُجيده هو التلاشي.

كيف يمكن لغالي أن يتحدث عن “رسم خارطة أمنية في المنطقة”، بينما الطيران المغربي يضرب بدقة جراحية عسكرية كل نقطة قوة محتملة للجبهة، مقطعًا أوصال خطوط الإمداد، مُجهزًا على قادة النواحي ومراكز الاستطلاع وحتى الجنود البسطاء، في عمليات نظيفة ومدروسة؟

في مقابل هذه الفوضى، تُجسد المملكة المغربية نموذجًا فريدًا في إدارة ملف الصحراء: حزمٌ عسكري ميداني حاسم، وصبرٌ سياسي طويل النفس، يُراكم الشرعية الدولية والدعم القاري والإقليمي.

نجحت الرباط تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة في جعل البوليساريو كيانًا معزولًا في أقصى شرق الجزائر، بلا نفوذ فعلي، ولا أوراق ضغط، ولا امتداد دولي. والأهم من ذلك: بلا حاضنة شعبية حقيقية في الصحراء المغربية، التي تشهد يومًا بعد يوم تنمية غير مسبوقة ومشاريع استراتيجية مندمجة، تجعل من مخيمات تندوف رمزًا للتيه واليأس.

الحقائق على الأرض أوضح من أي بيان. البوليساريو، التي ولدت من رحم الحرب الباردة، تموت اليوم في ظل نظام إقليمي جديد لا مكان فيه للدويلات الوهمية، ولا للمرتزقة. أما غالي، الذي صدّق كذبة “الدولة الصحراوية” حتى النهاية، فقد اختار أن يكون شاهدًا على دفن مشروعه… بل حفّار قبره بيديه.

وفي التاريخ، لا تُذكر الجنازات إلا حين تكون نهاية لشيءٍ كان له قيمة. أما جنازة البوليساريو، فهي مجرد لحظة صمت لما لم يكن يومًا ذا معنى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى