8 ماي : ” التكريم المستحق لمعشر الحمير في يومها العالمي ” .

بقلم الأستاذ إدريس زياد .

أعمدة الرأي بقلم الأستاذ إدريس زياد .

في اليوم العالمي للحمار الذي يصادف 8 مايو ، يجب أن نعترف بالمجهودات الجبارة للقائد الشجاع الحمار ، و بهذه المناسبة نعتذر للحمار و لعموم الحمير الكرام ، و الحقيقة و الواقع أن الذي يحتاج إلى الربط هو صاحب الحمار، فالعذر من الحمار المناضل , الذي قال فيه الله تعالى :

و الخيل و البغال و الحمير لتركبوها و زينة ” .

الأستاذ زياد إدريس .

كان في الحقب الماضية من يمتلك هذا المخلوق كمن يمتلك سيارة، تاريخه مشرف جداً ، و يعتبر من أذكى المخلوقات ، خاصة في هندسة الشوارع ، فهو خير معين للمهندسين في شق الطرق في الجبال …

و اللوم دوماً يلقى على الحمار و ليس له ناقة و لا جمل ، و صاحبه يحمّله فوق طاقته و لا يحمّل نفسه و لا يطبق عليها مبدئ ربط المسؤولية بالمحاسبة ، فلا يلزم ربط الحمار و هو من يمشي في الصحراء أمام خمسين جملاً و يقودهم أسهل الطرق، حتى اشتهرت الحمير بقيادة الجمال ، و الحقيقة أن هناك كثيراً من الحمير وجب ربطها شرط أن يكون المطرح مناسباً لربطهم خاصة المنظرون بدون أفعال ، رغم أن حميراً أُخرى كثيرة تصول و تجول كما تريد بلا رباط ؟ و لأن الحمير كانت تعار و عندما يرده المستعير لا بد أن يربطه في المكان الذي يريده صاحبه ، لكن حمير هذه الأيام ليس لها صاحب، و هذه جدلية يصعب حلها …

في زمن مضى كان لكل شيخ حمار ، فهو وسيلة تنقله يوم كانت وسائل النقل حكراً على أغنياء القوم و سادتهم ، فإذا نزل الشيخ بقوم كان الأطفال بتوجيه من كبار القوم يتسابقون لاستلام رسَنِ حمار الشيخ و ربطه في مكان لائق ، و إكرامه و إطعامه ، حتى قيل فيه ” حمار الشيخ شيخ ” ، و ليس معنى ذلك أن الحمار شيخ كصاحبه ، لكن المقصود أن هذا الحمار في مقامه أعلى من مقامات سواه من الحمير لأنه حمار الشيخ ، و هذا الحمار يحب مرافقة الأجواد الكرام و المسؤولين المحترمين ، فهو إن صح التعبير شيخ الحمير .

و قريب من ذلك، مقام وهمي يصنعه الناس لأقارب الكبار و الأغنياء و المسؤولين، فإذا دخلوا مجلساً احتفى بهم القوم و بمن معهم من الأقارب ، و لو كان هذا القريب من سَقَطِ المتاع عقلاً و رأياً و حيلة و وسيلة، فالقوم باحترامهم له ينافقون للكبير و يرجون رضاه ، و في هذا الزمان يلعب البعض دور حمار الشيخ ، تجدهم يتسابقون على التقاط الصور مع صاحب جاه ، فقط لأجل الشهرة أو الحظوة أو الاهتمام ، و رفعاً للنفس على أكتاف هذا الكبير الصغير الذي يقف للصورة مُحرَجاً متقززاً أو غير مبال ، و قد لا ينتبه لها و لمن حاذاه من أجلها ، فمتى يتوقف المحتفل عن هذه اللعبة القذرة التي لا تزيده إلا ذلاًّ و هواناً ، و متى يسعى إلى أن يكون شيخاً لا حمار شيخ …

و ليس الحمير كلها سواء ، فهناك الحمار الذي يحلم به كل فارس حَمّار ، تجد لديه ذوقاً عالياً عندما يكون مع صاحبه ، فلا ينهق أثناء الاجتماعات ، و لا يطلب العلف في غير موعده ، إلا أنه يغضب غضباً دبلوماسياً إذا تأخروا عنه ، و ربما عاقبهم بركلة خلفية معبّرة ، و هو حمار نظيف تراه سعيداً إذا اشترى له صاحبه سرجاً من العود الطيب الرائحة ، منسوج عليه جلد كبش أبرق من نوع الصردي الغالي .
و كلمة ” شَّا ” أو ” شّْ ” مع التشديد و طول النفَس التي ندعو فيها بعضنا للكف عن الكلام ، أصلها للحمار عندما يزجرونه ليتوقف عن الحركة ، بل يعنون الحمار الكسول الذي لا يكاد يتحرك أو يسكن إلا بالضرب و الإهانة ، و هناك بشر بعقول حمير مجنونة ، هم أقرب إلى الحمار الوحشي لأنهم يحبون الأثواب المخططة ، و لا يكفّون عن النعيق بأنكر الأصوات ، و هم في غفلة عن قوله تعالى : ” إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ” .

Exit mobile version