كأس العرب بقطر : ليست المرة الأولى و لن تكون الأخيرة , تلك الليلة التاريخية الرائعة المتدنية نجومها في سماء العاصمة القطرية دوحة الخير و الأخوة , التي تستضيف العرب في عرس العرب .
كأس فيفا العرب 2021 أعطت اليوم للعالم صورتها البراقة و الرائعة , التي جسدها سفراء الكرة العربية المتمثلين في المنتخبات العربية المشاركة في هاته الدورة التي تقام على ملاعب كأس العالم . فبعد مباريات المجموعات التي لم تكن مقنعة في كثير من المناسبات , جاء دور ربع النهائي , الذي أسفر عن مباريات حاسمة , كان أداءها غاية في الروعة , كتلك التي جمعت المنتخبين العربيين المصري و الأردني و التي انتهت بانتصار الأول بشق الأنفس , بعد اللجوء إلى الشوطين الإضافيين , حيث تمكن الفراعنة من كسب ورقة التأهل إلى نصف النهائي بنتيجة 3/1 , في معركة لن ينساها منتخب النشامة الأردني الذي أمتع و أبدع قبل أن تخونه التجربة أمام نجوم منتخب نهر النيل بقيادة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش .
و في الضفة الأخرى من الكأس العربية , جاء دور أساطير شمال إفريقيا ليرسموا لوحة كروية رياضية تجمع بين المتعة و الإبداع و الروح الرياضية العالية , التي سطرت بخط الحب و الأخوة تاريخ البلدين العريقين المغرب و الجزائر . بدأت المبارة قوية مشحونة بمخلفات شهور من التطاحن الإعلامي خارج أسوار الرياضة , ليظن الكل أم مبارة اليوم بين محاربي الصحراء و أسود الأطلس , قد تخضع لمعيار الحقد و المشادات الكلامية و الجسدية التي لا تمت لكرة القدم بصلة . لكن التاريخ لم يترك لصعاليك و زنادقة و حثالة المحسوبية الإعلامية حظا في نفث سم العداوة بين الشقيقين . لتكون مبارة اليوم في ربع نهائي كأس العرب , أيقونة تحمل في أليافها رسائل قوية لكل الساسة الذين يصطنعون بآيات البهتان صورة الكراهية و التنافر بين المغرب و الجزائر . سجلت الجزائر و سجل المغرب و كانت المبارة سجالا بين بطل إفريقيا و بين بطل العرب , في لوحة رياضية من زمن أساطير كرة القدم على أرض السمو و الإخاء دوحة قطر . لم تحسم المبارة في شوطيها القانونيين و لا حتى في الأشواط الإضافية التي قادها حكم برازيلي من طراز رفيع , لا يرحم و لا يدر . خلصت مبارة الشقيقين إلى ضربات الحظ الترجيحية , نالت فيها كتيبة النجم الدولي السابق و المدرب الحالي عبد المجيد بوقرة – نالت فيها – شرف التأهل إلى مبارة نصف النهائي لملاقاة العنابي القطري , صاحب الأرض و الضيافة . انتهت مبارة المغرب و الجزائر بانتصار الأخير , و خرج المنتخب المغربي مرفوع الرأس و الشكيمة بعد مبارة قدم فيها أسود عموتة مردودا لامس القمة .
انتهت المبارة المغاربية العالمية و انتهت ” كأس العرب بقطر ” , و انتهت معها أضغاث أحلام صيادلة الحقد و الضغينة من ( بعض المحسوبين على فئة ) الصحافة , تعثر حمارهم على عتبة ملعب الثمامة القطري الخرافي , لينتهي فصل من خرافة تم نسجها قبيل مبارة كرة القدم من أجل شد الأعصاب و در الرماد على الأفئدة الضعيفة بغية سحق ما تبقى من جرة أهل الجوار و القرابة . مبارة الجزائر و المغرب الليلة كانت درسا لكسالى السياسة . اللاعب المغربي الناهيري و اللاعب الجزائري البلايلي كانا بطلا الصورة التي رسمت اليوم شموخ أهالي المغرب العربي الكبير , و وضحت أنهم ( كشعب ) أكبر و أشرف من أن تخدعهم نتيجة مبارة في كرة القدم … فبالرغم من صعوبة اللقاء الكروي , و كثرة الثنائيات و الاصطدامات , إلا أن اللاعبين أخرجا من صندوق الحاوي حبا و أخوة و تسامحا بدل أفعى الضغينة و الأحقاد .
انتهت المبارة , و لم تنتهي الأخوة الصامدة بين شعبين عريقين و بين أمة واحدة اجتمعت في أرض التسامح الدواحة . عراك العشب من ذوي السراويل القصيرة و الفانيلات المزدانة بأعلام الوطن , وصف فشل عراك أصحاب رابطات العنق و هم يصرخون من على أريكة مجالس الحكومات لعل عدسات كاميرات المتربصين تلقف شطحاتهم .