الجريدة العربية
أيدت مجموعة من الأكاديميين الفرنسيين فكرة عقد “مؤتمر دولي” لتسوية قضية الصحراء المغربية ، في عمود نشر في صحيفة لوموند الفرنسية اليومية . ويقول أصحاب الفكرة , إنهم قلقون بشأن احتمال رؤية النزاع الإقليمي يتدهور “إلى حرب تقليدية” بين المغرب والجزائر . كما طالبوا “الدول الأوروبية بالمشاركة بشكل أكبر” لتجنب مثل هذا التصعيد الذي قد يغرق منطقة البحر الأبيض المتوسط في ما لا تحمد عقباه .
“بعد خمسين عامًا من اندلاع صراع طال أمده ، تظل الصحراء المغربية شوكة في حلق جميع الأطراف الأخرى المشاركة في واحدة من أقدم نزاعات القارة و العالم (…) حيث أثار اليأس الذي يدفع الجزائر و صنيعتها بعضهم البعض إلى الانخراط في مشاكل مفتعلة قد تشعل فتيل المعارك التي من شأنها تمزيق منطقة الساحل , و تجعلها بؤرة للجماعات الإرهابية مثل جماعة بوكو حرام أو الإرهاب الدولي عبر عصابات الفاجنر أو الجيش الفرنسي , و كذلك ممرا للمخدرات و الأسلحة .
المغاربة ينتظرون ، على الرغم من نجاحاتهم الدبلوماسية ، اعترافا دوليا يبدو أن فرنسا تعرقله بشكل واضح , لأنه ليس من مصلحتها أن تهدأ المنطقة , و تبدأ حكاية سلام قد تفقر الجمهورية الخامسة . بالنسبة للجزائريين – الذين يدعمون قضية البوليزاريو – فإن الحفاظ على منطقة مستقلة في وسط الصحراء أمر مكلف ويعقد علاقاتهم مع العديد من الدول الأفريقية و العربية والغربية ” .
و يتساءل الأكاديميون الفرنسيون في هذا الصدد : “من يتدخل لوضع حد لهذا الشذوذ ؟” . قد يكون الرئيس السابق للولايات المتحدة ، دونالد ترامب جرب حظ يده في ذلك ، بطريقته الخاصة ، و من خلال نظرته إلى مستقبل الشرق الأوسط . وأشاروا إلى أن اعتراف أمريكا بالسيادة المغربية على الصحراء ، في ديسمبر 2020 ، أعاد إطلاق الأزمة الإقليمية أكثر مما دفع الملف نحو التسوية .
و على هذا المنوال لجأ الجارة في ما مضى إلى فرنسا “التي لها تاريخ مع المنطقة المغاربية ” لتقديم الحل . لأن باريس بالفعل هي التي رسخت الحدود الجزائرية المغربية الحالية من خلال توسيع التراب الجزائري عمدا , من أجل زرع الفتنة و ضمان بقائها بشكل إيديولوجي , مع الإبقاء على مبدأ التبعية . وهكذا هرول جنرالات الجزائر نحو فرنسا التي تنوي إعادة النظر و نبش ملفات الماضي مع إمبراطورتها الاستعمارية السابقة ، ولا سيما الجزائر ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العساكر لا يريدون أن تبتعد فرنسا عن الصراع في الصحراء المغربية .
وللتذكير ، فقد حاولت فرنسا إدراج قضية الصحراء المغربية على جدول أعمال قمة الدول الأورومتوسطية ، التي كان من المقرر عقدها في 30 سبتمبر في أليكانتي الإسبانية ، حسبما كشفت وكالة EFE . وبررت باريس مبادرتها ، التي أشادت بها وسائل الإعلام الجزائرية وجبهة البوليزاريو ، بالتداعيات المحتملة لهذا الصراع في سياق أزمة إمدادات الطاقة والغاز في أوروبا . لكن تم تأجيل الاجتماع السري إلى تاريخ لاحق ، بسبب إصابة بيدرو سانشيز بـ Covid-19 .
كما بدأت فرنسا مناوراتها المدفوعة بالطلب المتزايد للغاز في سوقها الداخلية , إلى تكثيف جهودها من أجل إخضاع المملكة المغربية المستعصية . و الركض خلف موارد الطاقة و تلميع صورتها الاستعمارية , ليدفع بعد ذلك الابتزاز الجزائري بالعديد من البرلمانيين الفرنسيين لتبني القضية الصحراوية بمنظار جنرالات الجارة الشرقية , و بثها ضمن جلسات العمل بالبرلمان الأوروبي .