غياب السينوغرافيا عن المسرح المدرسي… هل نفقد جوهر الفرجة التربوية

الجريدة العربية -الرباط

يقدم بوتجيم محمد ، مؤطر ورشة المسرح بمؤسسة التفتح الأدبي والفني بطاطا ومنشط الأنشطة الموازية بإعدادية الريادة المختار السوسي، هذه المساهمة النقدية لإغناء النقاش حول المسرح المدرسي، بناءً على تقييمه للعروض المسرحية التي قدمت خلال الإقصائيات الجهوية الخاصة بإعدادية الريادة بسوس ماسة.

السينوغرافيا… العنصر الغائب عن المسرح المدرسي

يعد المسرح المدرسي واحدًا من أبرز الفضاءات التربوية التي تعزز الحس الجمالي والذوق الفني لدى التلاميذ، كما يرسخ القيم وينمي المهارات اللغوية والاجتماعية. ورغم هذا الدور المحوري، يلاحظ المتابعون غيابًا شبه تام للسينوغرافيا، التي تُعتبر فن تصميم الفضاء المسرحي، مما يُضعف التجربة المسرحية ويفقدها روح الفرجة البصرية والتواصل الفني الفعّال.

يؤكد بوتجيم محمد أن السينوغرافيا ليست مجرد خلفية زخرفية، بل هي عنصر جوهري في بناء المعنى المسرحي؛ فالإضاءة، الديكور، الأزياء، المؤثرات الصوتية، وحتى توزيع الممثلين في الفضاء، كلها عناصر تخلق عالمًا بصريًا مؤثرًا يسهم في إيصال الرسالة المسرحية وتعزيز التفاعل بين الممثل والمتلقي. وفي غياب هذه الأدوات، يتحول العرض إلى مشهد جامد أقرب إلى الإلقاء المدرسي منه إلى العمل المسرحي الحقيقي.

تقصير تربوي وفني في التجربة المسرحية

إن تجاهل السينوغرافيا في المسرح المدرسي لا يُضعف جودة العرض فحسب، بل يحد من فهم التلميذ، سواء كان ممثلًا أو متفرجًا، لكامل عناصر التكوين البصري للصورة المسرحية، مما يحرم المشاركين من فرصة تطوير خيالهم الإبداعي وحسهم الفني.

ورغم أن بعض المؤسسات التعليمية تبرر هذا الإهمال بشح الإمكانيات المادية، فإن بوتجيم محمد يرى أن السينوغرافيا لا تحتاج إلى ميزانيات ضخمة، بل يمكن تنفيذ أفكار إبداعية بمواد بسيطة ومعاد تدويرها، ما يعزز روح الابتكار والاقتصاد الإبداعي لدى المتعلمين. كما أن عدم التعاون بين الأساتذة المتخصصين في التربية الفنية وأولئك المعنيين بالنشاط المسرحي يؤدي غالبًا إلى انفصال السينوغرافيا عن العرض المسرحي أو حتى غيابها بالكامل.

في النهاية، يشدد بوتجيم محمد على أن غياب السينوغرافيا في المسرح المدرسي يعد إفقارًا حقيقيًا لهذه التجربة الفنية، مما يُضعف الأثر التربوي والجمالي للمسرح داخل المؤسسات التعليمية. لذا، فإن إعادة إحياء الحس السينوغرافي في المسرح المدرسي لا يحتاج سوى إلى وعي بأهمية الصورة البصرية، وإرادة حقيقية لتقديم فن راقٍ متكامل حتى في أبسط أشكاله.

Exit mobile version